في إطار مشروع CCForum الذي تشرف على تنفيذه مؤسسة الياسمين بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومواصلة لأنشطة البرنامج الموجه لفئة من شباب معتمدية التضامن – المنيهلة ، وإثر مجموعة من الأنشطة المتنوعة شملت سلسلة من المقاهي الشبابية وعددا من الورشات والدورات التدريبية حول مواضيع ترتبط أساسا بتفعيل مشاركة الشباب في الحياة العامة عبر التدرّب على مهارت المواطنة الفعالة واستيعاب مفاهيم الدستور الجديد، جاءت بتاريخ 16 جويلية سهرة رمضانية مع نواب من المجلس التأسيسي هما السيد بدر الدين عبد الكافي والسيد المنصف شيخ روحه لتكون محطة جديدة من محطات البرنامج CCForum وتكون بمثابة الفرصة التي جمعت شباب التضامن بأعضاء المجلس المنتخب للحوار والنقاش الحرّ معهم حول المسار الإنتقالي والتأسيسي الذي تمرّ به البلاد ولإبداء تقييماتهم و أراءهم ومواقفهم من المجلس و الدستور.
أهداف السهرة الرمضانية
تهدف هذه السهرة الرمضانية إلى تقريب صورة النائب الحقيقية من الشباب بكل موضوعية وتكسير الصورة النمطية التي رسمتها بعض وسائل الإعلام عنهم وسعت لتشويهها، كما تهدف كذلك إلى الإجابة عن كلّ أسئلة وانتقادات الشباب المشارك وذلك بتوضيح الدور الذي لعبه ويلعبه المجلس التأسيسي طيلة المرحلة السابقة والحالية بالإضافة إلى توضيح بعض المفاهيم الغامضة التي ضمنت في الدستور وتوضيح الإطار العام والكواليس التي كتب فيها. ولاسيما التطرّق إلى المحطات التاريخية الحساسة التي اعترت المسار الإنتقالي وشابت عملية صياغة الدستور من تجاذبات سياسية ومطالبات بحل المجلس التأسيسي وتعليق متواصل لأعماله.
عديد الإنتقادات كانت موجهة للسادة النواب بالتقصير في آداء المهمة التي أوكلت إليهم وحول الكلفة الباهضة والآجال المنتهية والأداء الضعيف حسب تعبير بعض الشباب وانتقادات أخرى طرحها المشاركون على السادة الضيوف، الذي كانت فرصة الردّ عن جميعها وتوضيح الملابسات والخفايا والتفاصسل سيما وأنّ الشباب يشكو حسب تعبيرهم صعوبة الوصول للمعلومة وسط التضليل الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام.
النقاش:
انقسمت محاور النقاش في السهرة الرمضانية إلى ثلاث محاور أساسية كالآتي:
- المحور الاول: تقييم المسار التأسيسي منذ 23 أكتوبر إلى اليوم – المنشود والموجود.
- المحور الثاني: الدستور التونسي الجديد في عيون الشباب .
- المحور الثالث: الجانب الوظيفي و الجانب الإنساني للنائب بالمجلس الوطني التأسيسي
افتتح مدير المشروع السيد بلال مناعي السهرة مرحبا بالجميع وتقديم البرنامج والتعريف بالضيوف وتم بعد ذلك التعرّف على المشاركين، انطلق الحوار حول المحور الأول من محاور السهرة الذي تناول موضوع تقييم المسار التأسيسي و منظومة 23 أكتوبر بشكل عام.
بعد الإستماع إلى أسئلة المشاركين، كان من أبرز ماقيل خلال هذا المحور عن المجلس الوطني التأسيسي ، ديناميكية العمل داخله وخارجه وآليات اتخاذ القرارات والوصول إلى توافقات بخصوص الفصول والتشريعات وحتى مواعيد الجلسات ومواضيعها.
يذكر أن من أهم النقاط التي طرحها الشباب، عن طول مدة الأشغال والتكلفة الباهضة جدا وعن الأجور الضخمة التي يحصلون عليها في وضع اقتصادي صعب مما ساهم في مزيد إثقال ميزانية الدولة حسب تعبيرهم، الإجابات تمثلت في توضيح للمدة الزمنية الفعلية التي استغرقها المجلس الوطني التأسيسي بعد طرح مدة خمسة أشهر كاملة من تعطيل من قبل النواب الذين لوحوا بتقديم استقالاتهم وجمدوا عضوياتهم على إثر إغتيال الشهيد محمد البراهمي من بعد فترة انقطاع أولى تلت إغتيال الشهيد شكري بالعيد، بالإضافة إلى فترات مساءلة الحكومة والوزراء التي تتالت في حكومات الترويكا وساهمت في تعطيل الأشغال، كما تم توضيح أن النسخة الأولى المقدمة من الدستور لم تستغرق أكثر من سنة وأن التصويت عليها في اللجان وفي الجلسات العامة لم يتجاوز الستة أشهر وبذلك لم يستغرق الدستور فعليا سوى سنة ونصف للكتابة والتصويت عليه حسب تعبير السيد عبد الكافي وليس فترة الثلاث سنوات التي يروج لها.
فيما يخص الأجور، وضح النواب أن أجور نواب المجلس الوطني التأسيسي من ثاني أقل الأجور في العالم، بالإضافة إلى أن التركيز الإعلامي من بعض الأطراف السياسية بغرض التشويه وإظهارهم بمظهر المبذرين للمال العام التونسي هو عار عن الصحة ومخالف للحقيقة تماما حيث أن جل النواب كانت أجورهم التي يتقاضون قبل الإنظمام للمجلس أكثر بكثير من ما يقدم لهم اليوم، كما أن أوضح السيد شيخ روحو أن هناك خططا في تونس أقل من خطة نائب شعب في المجلس الوطني التأسيسي ومع ذلك تتجاوز أجورهم بكثير أجور النواب وبالرغم من ذلك لا تسلط عليها أيّ أضواء وأضاف أن من البديهي أن يحضى من يشغل خططا عليا في الدولة بأجر يتناسب مع خطّته,.
بعد نقاش مطول وشيق، تم الفراغ من المحور الأول والمرور إلى الحديث عن الدستور الجديد ومراحل صياغته من جهة و فصوله ومضامينه وبعض مفاهيمه الغامضة من جهة أخرى، المحور الثاني من محاور السهرة.
ولكن قبل ذلك، قدّم الفنان يوسف النويوي، عضو فرقة الراشدية سابقاـ استراحة موسيقية رائقة أطرب خلالها الحاضرين بأغنية “مالوف” من التراث التونسي الأصيل.
خلال المحور الثاني، تم التطرق إلى مراحل صياغة و كتابة الدستور و إلى محتوى الفصول والنقاط الخلافية، كما تم النقاش حول الآليات التي تمكن من خلالها النواب من الوصول إلى توافق حول جميع النقاط العالقة.
من أهم النقاط التي تم النقاش حولها، الفصول الخلافية في الدستور كفصل تجريم التطبيع، والفصول التي تعنى بالموارد الطبيعية للبلاد التونسية وكيفية التفويت فيها للمستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى كيفية الخروج بتوافقات خاصة بعد وصول البعض إلى التلويح بتعليق أنشطتهم والمطالبة بحل المجلس الوطني التأسيسي وكانت للسادة النواب إجابات ضافية عنها.
أما المحور الثالث والأخير، فقد خصص للحديث عن النائب في جانبين من حياته، الجانب الأول تعلق بالبعد الوظيفي للنائب وعلاقاته العملية داخل وخارج المجلس الوطني التأسيسي، أما الجانب الثاني فتعلق بالبعد الإنساني للنائب والمتمثل في علاقاته الخاصة من داخل المجلس الوطني التأسيسي أو خارجه من صداقات وقرابات وعائلة وحياته اليومية.
بالإضافة إلى ذلك تم التطرق إلى المصاعب التي يواجهها النائب في التوفيق بين عمله داخل المجلس صلب اللجان المختلفة التي ينتمي إليها، وعمله في لجان منطقته التي ترشح عنها ولإيصال أصوات هؤلاء للمجلس الوطني التأسيسي.
في الختام، أعرب بعض الشباب عن تغيّر في نظرتهم لعدة نقاط كانت مغيبة عنهم بسبب غياب المعلومات الصحيحة كما أوضحوا أن التواصل المباشر مع النواب أتاح لهم فرصة تصحيح العديد من المغالطات التي تحوم حول المجلس الوطني التأسيسي وحول السادة النواب الذين كان ولايزال الكثير منهم يناضلون ويضحون من أجل الوطن ويحققون له المكاسب العظيمة في طريقه نحو الديمقراطية الحقيقية لعلّ أبرزها دستورا توافقيا بنسبة 200 صوتا.