منذ تأسيسها في مارس 2013، لم تتوان مؤسسة الياسمين للبحوث والاتصال عن تسخير كافة طاقاتها وامكانياتها المتاحة لدعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، فقامت على مدار العام ونيف بتنظيم ندوات ومحاضرات ولقاءات مضيقة وموسعة استضافت فيها صناع القرار وأكاديميين وباحثين وخبراء محليين وعالميين لتناول القضايا الوطنية الكبرى بالدراسة المعمقة والبحث الموضوعي ولتقييم السياسات العامة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بغاية الخروج بتوصيات تساهم من خلالها في ترشيد صناعة القرار وتشريك الرأي العام في ذلك لتحقيق مزيد من النجاعة و الحوكمة الرشيدة في اتخاذ القرارات.
مع ذلك، لم تكتف مؤسسة الياسمين بهذا الدور الأكاديمي ‘النخبوي’ في دعم المسار الانتقالي بل توجّهت نحو الانخراط في برامج ميدانية عملية مراهنة في ذلك على ضرورة الارتباط والتكامل بين العمل الأكاديمي النظري والاتصال المباشر بالواقع المعيش.
وباعتبار فئة الشباب تندرج ضمن أحد محاور الاهتمام التي رسمتها المؤسسة في خطتها الاستراتيجية، فقد جاءت فكرة برنامج “س.س فوروم” أو “منتدى الشباب والدستور” إثر طلب عروض مشاريع من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في شهر سبتمبر 2013 بغاية تبسيط وتعميم الدستور الجديد ليندرج ضمن مشروعه ‘دعم المسار الدستوري والبرلماني والحوار الوطني’. تقدمت المؤسسة بمشروع رمت من خلال إلى تفعيل دور الشباب في الحياة العامة عبر استيعاب محتوى الدستور الجديد وتملّك ثقافة المواطنة من خلاله لتحفيزه نحو مشاركة فعالة في تحقيق الديمقراطية المنشودة وفي رسم مستقبل البلاد. فحظي مقترح المشروع بالموافقة والدعم.
الفئة المستهدفة: لماذا الشباب؟
الفئة المستهدفة من مشروع ‘س.س فوروم’ هي تحديدا شريحة الشباب، التي تعتبر أوسع شريحة عمرية في المجتمع التونسي، كما تعرف هذه الشريحة النسبة الأعلى من حيث نسب العزوف عن المشاركة في الحياة العامة، فوفق دراسة أصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتونس حول الشباب في سبتمبر 2013، لا تتعدّى مشاركة الشباب التونسي في العمل الجمعياتي 6%فقط أما المشاركة في العمل الحزبي فهي بالكاد أقلّ، حيث بلغت 5.5 %. ومع الأهمية والخطورة البالغة التي يكتسيها هذا الموضوع، إلا أن فرص الإحاطة والمساندة لهذه الفئة من قبل المجتمع المدني لا تزال متواضعة وتحتاج إلى مزيد من تظافر الجهود والمثابرة،
من هذا المنطلق، وقع اختيار مؤسسة الياسمين على فئة الشباب ولضمان جودة عالية في النتائج المنتظرة وقع ضبط معايير أدقّ في الاختيار المشاريكين في المشروع ‘س,س فوروم’:
– السنّ: يتراوح بين 20 و35سنة
– المنطقة: معتمدية التضامن-المنيهلة من ولاية أريانة.
– المستوى الدراسي: شهادة البكالوريا فما فوق.
– النوع الاجتماعي: الإثنين.
– المعيار الإضافي: عدم المشاركة والاهتمام بالشأن العام.
المنطقة المستهدفة: لماذا معتمدية التضامن-المنيهلة؟
كان التفاوت الجهوي الكبير الذي شهدته المناطق الداخلية طيلة العقود الماضية سببا لإقبال كثيف من الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني عليها إبان الثورة وإيلائها أولوية قصوى في مجال عملها، فتعددت المبادرات والمشاريع الموجهة إليها سواء التنموية والاجتماعية أو التحسيسية والتوعوية. في المقابل، توجد مناطق في ضواحي العاصمة، كمعتمدية التضامن-المنيهلة على سبيل المثال، لا تقلّ حرمانا وتهميشا عن الجهات الداخلية، ولكنها بقيت منسية قبيل وبعيد الثورة ولم تنل حظها من الاهتمام، أضف إلى ذلك انتشار ظاهرتين خطيرتين في أنحائها :
الأولى انتشار ظاهرة الإجرام أو الانحراف.
والثانية هي التطرّف الديني، مما جعل في المحصلة مهمة العمل في بيئتها والوصول إلى شرائحها المختلفة أمرا عسيرا للغاية.
لذلك قررت مؤسسة الياسمين أن تتوجه بمشروعها نحو هذه المعتمدية وأن تخوض هذا التحدي الذي إن نجحت في كسبه فسيعتبر مبادرة نوعية في المنطقة، معتمدة في ذلك على عدد من فريقها يقطنون بهذه المعتمدية.
وصف المشروع:
‘س.س فوروم’ هو برنامج توعوي لفائدة مجموعة من الشابات والشبان (90فردا) من أبناء معتمدية التضامن المنيهلة، غير منخرطين في الحياة الاجتماعية والسياسية وغير مهتم بالشأن العام.
يحتوي هذا البرنامج على سلسلة من الأنشطة المتنوعة والمبتكرة تتتالى وتتكامل على مدى ستة أشهر وفق مقاربة تفاعلية عبر خلق فضاءات للنقاش الحرّ ومنابر للتعبير عن الراي بالإضافة إلى عديد دورات تدريبية تعتمد على طرق المحاكاة (simulations) وتبادل الأدوار ( jeux de rôles ) كتجسيد مساءلة لأعضاء الحكومة وتجسيد عملية إنتخابية، سوء استعمال السلطة وذلك لتبسيط مفاهيم قد تبدو معقدة كطبيعة الدولة وتقسيم السلط والحقوق والحريات ومفهوم الديمقراطية والمواطنة…
الهدف طبعا هو تقريب هذه المفاهيم من الشباب وتوفير الفرص ليتملك مهارات المواطنة الفعالة التي تمكن من تفعيل مبادئ الدستور.
بالإضافة إلى هذه الدورات، يحتوي مشروع منتدى الشباب والدستور ‘س.س فوروم’ على أنشطة تحفيزية كالمسابقات وتواصلية كالسهرات مع الشباب لمناقشة مشاغله ومواقفه من الحياة السياسية بالإضافة إلى السهرات الرمضانية مع نواب المجلس التأسيسي.
نسعى من خلال هذا المشروع إلى توفير الكفايات النظرية الأساسية والمهارات العملية الضرورية للمنخرطين فيه وتحفيزهم على لعب أدوار متقدمة في محيطهم ومجتمعهم.