الرئيسية / نشريات / التعايش مع جائحة كورونا

التعايش مع جائحة كورونا

الخوف من الموت على ابواب المستشفيات هكذا عبر وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي في خطاب توجه به للشعب التونسي في الموجة الاولى لفيروس كورونا الرجل الذي لقب مع بقية فريقه بجيش الميدعة البيضاء

اعددنا منذ بداية تفشي الفيروس في بيوتنا  العدة للحرب على الكورونا  ونظمت وزارة الصحة نقطة صحفية يوميا لتكشف وتبرهن وتحذر من المخاطر التي يمكن ان نعيشها في الايام القادمة ، خطابا توجه به خبراء الصحة لطمأنة الشعب التونسي وبعث الامل بان الخيار صحي وليس خيارا اقتصاديا

لكن وكما يستشف من قرارات الخكومةً يبدو ان الخيار الاقتصادي صارت له الأولوية واننا في تونس سائرون في ما سمي “مناعة القطيع ” كما فعلت ذلك دول أخرى مثل بريطانيا والسويد وكما تحدث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون منذ بداية انتشار الوباء في بلاده. ولكل خيار من الخيارين الصحي او الاقتصادي تبعاته.

تجدد الجدل اليوم بقوة  حول تحديد المسؤولية في ظل التحذيرات السابقة للمختصين من ان البلاد مقبلة على فترة اصعب وبات من الواضح ان الخيار الرسمي التونسي في ظل النسق التصاعدي الذي تشهده الموجة الثانية من فيروس كورونا  يذهب في اتجاه تسويق فكرة التعايش مع الفيروس دون التفكير في حلول عملية وواقعية للحد من تداعياته العاجلة وذاك اعتمادا على شعارتحميل المواطنين مسؤولية الوعي وحماية انفسهم و التعويل على النفس.

ويؤكد الطبيب فوزي عداد  في تصريح صحفي “إن تونس في بداية موجة ثانية من تفشي الفيروس، ويتوقع أن يكون شهر أكتوبر شديد الصعوبة، لكن ما زالت السيطرة على الوضع ممكنة، ويمكننا أن نتفادى الكارثة”، محذرا من مغبة تواصل الاستهتار خلال الأيام القادمة، والذي سيؤدي إلى زيادة تفشي الفيروس، وعندها “لن ينجو من كورونا سوى الأقوياء
 ومن جهته طالب رئيس حزب مشروع تونس، محسن مرزوق، رئيس الحكومة بكشف حقيقة الأوضاع، ووضع خطط جديدة للمكافحة بعد استفحال الموجة الثانية، متسائلا: “لماذا نتأخر في كل شي”

 واستند رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي على ما اجمع عليه  خبراء الصحة من أن الأسوأ قادم للمطالبة باجراءات صارمةً وحازمة اكثر بمواجهة الوباء ومحاسبة الحكومة على نجاعة القرارت التي اتخذتها فيهدا الصدد وتحميلها مسؤولية صحة التونسيين.

ورغم المجهودات الجبارة للإطارات الطبية وشبه الطبية، فإن تواضع الإمكانيات الصحيّة وضعف طاقة استيعاب المستشفيات سيعيقان توفير الرعاية الصحية اللازمة لآلاف التونسيين والتونسيات الذين سينهكهم المرض بعد أن أنهكهم الفقر والتهميش طيلة عشرات السنين.

كما تندد أصوات كثيرة أخرى بقرار فتح الحدود في نهاية شهر جوان بعد حجر صحبي وغلق للحدود دام قرابة الشهرين.

اذ رغم تعالي الاصوات المحذرة من مغبة  فتح الحدود التونسية الا ان الحكومة السابقة سارت في قرار فتحها يوم 27 جوان الفارط فكان ذلك التاريخ أيضا هو يوم الرجوع بقوة للفيروس التاجي في بيوتنا وشورعنا، إذ ان النمط الوبائي شهد منذ ذلك الحين نسقا تصاعديا ليتحول من مرحلة البؤر التي يمكن تجاوزها  عبر تدخل السلط الصحية الى مرحلة “التفشي المجموعاتي”، بمعنى أنّ جلّ الحالات المسجّلة أصبحت حالات محلية من عدوى أفقية، تصعب السيطرة عليها مثل الدول الاوروبية  وإيطاليا وفرنسا وغيرها

ومن جهته قال المدير العام للصحة في تونس فيصل بن صالح إن الوضع الوبائي في البلاد دقيق رغم أن خمسة وثمانين بالمائة من المصابين لا تظهر عليهم الأعراض

كما قال وزير الصحة في الحكومة الجديدة فوزي مهدي، إن حاملي فيروس كورونا  

دون أعراض يجب أن يعودوا لمواقع عملهم خلال عشرة أيام من تاريخ أصابتهم مع الالتزام بالمحافظة على إجراءات الوقاية، موضحا أن الدراسات العلمية أثبتت أنه بعد عشرة أيام لا ينقل حامل الفيروس العدوى بحسب وزير الصحة

وفي حوار سابق مع الوزير السابق عبد اللطيف المكي قال:لقد كنّا نتوقع هذا الوضع بعد فتحنا للحدود ولا يمكن إعادة مناقشة هذا القرار لأن الوضع على صعيد عام لا يتحمل إعادة غلق الحدود من جديد. كان هذا الإجراء قاسيًا على المجتمع لأن المسألة تستوجب وضعيّةً دفاعيّةً لمجابهة الوباء المجهول وتعديل الموجة واكتساب الخبرة الكافية لمقاومته”

فهل جهّزت الدولة مستشفياتها ومرافقها الصحيّة لاستقبال ضحايا الموجة الثانية؟ هل جهّزت إداراتها ومرافقها ومؤسساتها العموميّة على نحوٍ يجعلها تتفادى شللاً وظيفيّا في صورة انتشار الجائحة بين موظفيّها خصوصا مع دخولنا فصل الأمراض والأوبئة الموسميّة؟

جائحة كورونا ضيف ثقيل الظل علينا ان نتعايش معه محافظين على كماماتنا وغسل ايدينا وفق الرواية الرسمية من اصحاب القرار، لكن يمكن طرح بدائل افضل في هذه الظروف. في الواقع الحلولُ موجودة، كفرض التعليمِ عن بعد، على صعيد المدارس والجامعات مع العمل على توفير الشروط التقنيّة اللازمة لذلك، وبالمثل لا نرى بديلاً عن فرض فكرة العمل عن بعد مع تخفيف الإجراءات الإداريّة والاستثمار في الرقمنة خصوصًا أن الدولة لها بالفعل منصّات رقمية بيد أنّها غير مفعّلة.

أما عن حماية الاقتصاد التونسي، في ظرف كسادٍ عالميّ يتميّزُ بالتقليل من حجم المبادلات التجاريّة إلا في ما هو ضروريّ للنشاط الاقتصادي، فما من شكٍّ في وجود الحلول الكفيلة بتحقيق ذلك كتنشيط السوق الداخليّة مع اتخاذ قرارات حمائيّة واضحة  تهدفُ إلى حماية المؤسسات التونسية ومواقع العمل فيها .

المهم في هذه الفترة  هو كيفية مراعاة الجانب الإنساني وعدم التمسك بمبدأ المصالح الاقتصادية أولا، فاتحاد المجتمع مع الدولة بمؤسساتها وهيئاتها والحرص على المساهمة بأدوار مختلفة سيساعد على تجاوز تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد.  

عن +

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى