يستهل مجلس نواب الشعب دورته النيابية الثانية بجلسة للمصادقة على مشروع قانون حماية قوات الأمن الداخلي والديوانة. مشروع قانون لاقى غضبا واسعا من قبل منظمات المجتمع المدني والعديد من المواطنين.
وكانت الحكومة قد طرحت القانون على مجلس نواب الشعب لأول مرَة سنة 2015 تحت مسمى “زجر الاعتداء على القوات المسلحة” ورفضته المنظمات الحقوقية معتبرة إياه هادفا إلى تقييد الحريات وفسح المجال أمام انتهاكات حقوق الإنسان.
وتتمسك العديد من منظمات المجتمع المدني إلى اليوم بسحب القانون فوراً، نظراً لما يتضمّنه مما تراه تجاوزات وخروقات شديدة لحقوق الإنسان، فضلاً عن عدم دستوريته وتهديده للديمقراطية التونسية، وما تحقّق من حريات بعد الثورة.
عودة برلمانية مفزعة
نددت 23 منظمة وجمعية في بيان لها تحت عنوان “عودة برلمانية مفزعة” بأن محاولة تمرير مشروع القانون قبل أشهر قليلة من الاحتفال بعيد الثورة العاشر..يمثل تهديدا خطيرا للسلم الاجتماعي ولتوازن المنظومة القانونية” وجدَدت دعوتها إلى مجلس نواب الشعب لتحمل مسؤوليته في الإسراع بتنفيذ الإصلاحات اللازمة خصوصا تلك التي تتعلق بالمنظومة الأمنية. وفي هذا الإطار أجرينا حوارا مع أسامة بوعجيلة ممثل منظمات وجمعيات المجتمع المدني الممضية على البيان، حيث أكَد لنا أسامة وجود جملة من التحركات المزمع عقدها مؤكدا أن جائحة الكورونا لن تمنعهم من القيام باحتجاجات سلمية لمزيد حشد الرأي العام ضد مشروع قانون حماية قوات الأمن والديوانة، معتبرا أن هذا القانون لا يعبر على انتظارات الأمنيين، إذ هم بحاجة إلى حقوق اقتصادية واجتماعية وتوفير خدمات ذات جودة عالية، وكان من الأجدر على الجهة المبادرة الأخذ بعين الاعتبار طلبات الأمنيين وتجسيدها في مشروع قانون يحقق استجابة المواطنين، لأن الأمني هو مواطن في نهاية الأمر.
وقال بوعجيلة أنَه قد تمَ توجيه رسالة مفتوحة، الأربعاء 7 أكتوبر 2020 إلى نواب البرلمان تدعوهم إلى عدم التصويت على مشروع القانون، وفي انتظار تفاعل النواب مع طلبات المواطن الاجتماعية دون استثناء.
“حاسبهم”
بيَن أسامة بوعجيلة أنَ انطلاقة احتجاجات المجتمع المدني كانت من خلال حملة افتراضيَة “حاسبهم”: حملة مواطنية تطالب بإسقاط قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة وتسعى إلى تسليط الضوء على الاعتداءات المسلطة على المواطنين.. كانت الحملة في بدايتها افتراضية على “الفايسبوك” وسرعان ما تحولَت إلى احتجاج أمام مجلس نواب الشعب. حيث نفَذ نشطاء في المجتمع المدني، يوم الثلاثاء 06 أكتوبر 2020، وقفة احتجاجية أمام مجلس نواب الشعب للتنديد بعرض مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة مطالبين بسحبه فورا نظرا لأنه يهدد الحريات ويشرع للقمع حسب تعبيرهم.
أمني شاب ضدَ مشروع قانون حماية قوات الأمن والديوانة
من جهته، أفادنا أيمن القاطري رئيس منظمة أمن شباب تونس رفضه مشروع القانون في صورة ما إذا جعل المواطن يخاف من الأمن. وباعتباره أمنيا شابا أكَد لنا سعيه إلى تغيير الصورة السائدة عن الأمنيين وسعيه إلى إزالة الخوف وقلة الثقة بين المواطن والأمني. وأضاف أيمن القاطري أنه مع مرور القانون في صورة ما إذا تمَ توفير آليات تحمي المواطن وكرامته وتجعله يتعامل مع المواطن في كنف الاحترام والثقة والتقدير.
“Body Camera“ الكاميرا المحمولة في زيَ المواطن

أفادنا أيمن القاطري بتقديمه اقتراحا للقيام بتجربة نموذجية في تونس العاصمة وأحوازها تتمثَل في كاميرا محمولة في زيَ الأمني مثلما هي موجودة لدى أعوان الديوانة، وبالإمكان تعميمها على كافَة أنحاء الجمهورية إن أثبتت نجاحها.
تركيب تلك الكاميرات المحمولة انطلق لأوَل مرَة في العالم في الدنمارك سنة 2005، تبعتها بريطانيا سنة 2007 وكانت بغاية توثيق الجرائم التي يرتكبها المواطنون، لكن الولايات المتحدة بدأت استخدام الكاميرات العام الماضي سنة 2014 بهدف آخر ألا وهو توثيق اعتداءات الأمن على المواطنين. عديد البلدان حققَت نجاحات كبرى على المستوى الأمني بفضل استخدمها لهذه الآلية، فمن شأنها تقليص حدَة التوتر في النقاش بين الأمني والمواطن كما من شأنها حفظ كرامة الأمني وتمكينه من تنفيذ القانون بكل حرفية وثقة في النفس حسب ما أكَده لنا أيمن القاطري. وفي الأخير وجَه أيمن القاطري نداء إلى مجلس النواب والرئاسات الثلاث، طالبا الموافقة من وزارة الداخلية على”Body Camera”والقيام بجلسة عمل في هذا الغرض.
فهل سيذهب البرلمان مع الرأي الذي يراه مراقبون من حيث أنَ قانون حماية قوات الأمن الداخلي والديوانة يتعارض مع روح وفصول دستور 2014 ويتعارض مع المساواة بين المواطنين، أم هل سيمر القانون بدون أو مع تعديلات؟؟
بقلم: إشراق بن حمودة مكتب الإعلام والاتصال