يعيش العالم تحت هاجس الخوف من عدوى فيروس كورونا حيث تعالت اصوات المختصين والخبراء في المجال الصحي محذرة من الصعوبات التي يمكن ان توجهها العودة المدرسية الاستثنائية التي رافقت الموجة الثانية من الفيروس الذي حصد العديد من الارواح على مستوى العالم وتسبب في اكبر عرقلة في التعليم على الاطلاق حيث اثر على 1، 6 مليار طالب في اكثر من 160 دولة وفق منظمة الصحة العالمية.
شددت منظمة الامم المتحدة للطفولة اليونيسيف على ضرورة ألا يعاد فتح المدارس إلا عندما تكون آمنة للطلاب. وخاطبت الأسر قائلة “من المرجح أن تبدو العودة إلى المدارس مختلفة قليلا عما اعتدت عليه وما اعتاد عليه طفلك في السابق. ومن المحتمل أن تفتح المدارس لفترة من الوقت ثم يصدر قرار بإغلاقها من جديد مؤقتا، وذلك اعتمادا على السياق المحلي. وبسبب التطور المستمر للوضع، سيتعين على السلطات أن تتحلى بالمرونة وأن تكون مستعدة للتكيّف من أجل التحقق من سلامة كل طفل”
وتابعت “حتى لو كان القادة في منطقتك لم يقرروا بعد إعادة فتح المدارس، فمن الأهمية الحاسمة أن يبدأوا بالتخطيط لذلك الآن، للمساعدة على ضمان سلامة الطلاب والمعلمين والموظفين عند عودتهم وضمان اقتناع المجتمعات المحلية بإعادة الأطفال إلى المدارس”
وأصدرت منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والاتحاد الدولي للصليب الأحمر مؤخرا إرشادات حول الوقاية من كورونا ومكافحته في المدارس.
وتشمل توصيات خاصة بإجراءات التباعد الجسدي، مثل ترتيب بداية ونهاية اليوم الدراسي والتباعد بين المكاتب إن أمكن وتوفير مرافق لغسل اليدين.
ففي الوقت الذي نكابد مع المجموعة البشرية وباء الكورونا ونعاني مثل عديد الشعوب من ضيق ذات اليد ومن ضعف البنية التحتية وتفاقم المشاكل المادية وترهل النظام التعليمي علاوة على ما يميز الاطار التربوي الحالي نقص تجربة وفقدان بوصلة الاصلاح الجذري لواحد من القطاعات الحيوية والمصيرية في مسار وحياة الدول وخصوصا منها تلك التي تشهد تجارب الانتقال الديمقراطي الناشئ
أعلنت وزارة التربية على غرار الكثير من الدول العربية والعالمية أنه تقرر الإبقاء على تاريخ العودة المدرسية في موعدها المعتاد أي يوم 15 سبتمبر 2020، وأكد وزير التربية محمد الحامدي في وقت سابق على تمسك الوزارة بتاريخ 15 سبتمبر في الوقت الذي انتشرت فيه أخبار عن تأجيل العودة المدرسية بسبب تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا في تونس. وأعلن وزير التربية عن انطلاق الإعداد لبروتوكول صحي وقائي لتأمين التلاميذ والإطار التربوي بالتعاون مع وزارة الصحة لضمان عودة مدرسية آمنة
رغم ان قبيل فترة قالت المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة والناطقة باسم وزارة الصحة ان «تونس دخلت مرحلة الانتشار المجتمعي للوباء» واعترفت بان الوضع صعب يتوجب التأهب والاستعداد
فأين نحن من الأهبة والاستعداد؟
لقد كشفت جامعة الصحة اصابة 287 مهنيا بين أطباء وممرضين وأعوان الى غاية 12 سبتمبر الجاري وأصبح معدل الوفيات يوميا بين 3 و4 حالات في ولايات مختلفة شمالا وجنوبا
ليس ذلك فحسب، أغلقت بعض المؤسسات التربوية العمومية والخاصة قبل ان تفتح أبوابها بعد اكتشاف إصابات فيها واتخاذ قرارات بشأن تعقيمها وإعادة تأهيلها
في غضون ذلك، جادت وزارة التربية بما لديها، 160 ألف كمامة ذات استعمال واحد و85 ألف كمامة متعددة الاستعمال و3300 لتر من السائل المعقم و4 آلاف جهاز قيس للحرارة ستوزع على 2000215 تلميذ و153400 مدرس وآلاف الاعوان والعملة في 6315 مؤسسة
هل هذا يكفي في ظل الوباء الذي اكتسح جميع البيوت التونسية؟
فرغم كل هذا تلحّ وزارة التربية ونقابات القطاع على العودة المدرسية باعتماد «خطة » التدرج والتناوب ونظام الأفواج بما أننا في حالة حرب على الكورونا
أما عن الجوانب العلمية والبيداغوجية ومضامين الدروس مع هذه «الخطة » وإشكالية الثلاثي الثالث الذي لم يدرّس العام الماضي فما تزال الأمور غامضة ويؤكد أكثر من مدير مدرسة ابتدائية وإعدادية ومعهد ثانوي أنهم بدؤوا في تلقي المذكرات والمناشير في انتظار وضوح الرؤية لدى المدرسين أنفسهم معلمين وأساتذة بالتنسيق مع جهاز تفقد بيداغوجي.
لقد أضاعت وزارة التربية وكذلك نقابات القطاع كثيرا من الوقت ولم تعدّ العدّة لتكون العودة في ظروف أفضل وجعلتنا نتحدث اليوم عن مغامرة نمنّي النفس بأن يكون الانتصار فيها لابنائنا ولمؤسستنا التربوية ولمجتمعنا ولدولتنا وهذا يقتضي الاجابة الفورية والعملية عن أسئلة حارقة حول هذا النقص الفادح في كل شيء تقريبا والحال أننا نعيش منذ مطلع العام في خضم الحرب على الكورونا وأتيحت لنا استراحة المحارب لكننا قصّرنا في استثمارها.