جائحة كوفيد 19 لم تنتهي بعد حيث إن حالات الإصابة مازالت تتصاعد بوتيرة سريعة في جميع أنحاء العالم، فالصين لم تنجح رغم الاجراءات المشددة التي اعتمدتها طوال الفترة الماضية في السيطرة على الفيروس، ومازالت تسجل باستمرار حالات جديدة
يُحذر العديد من علماء الأوبئة من أن تخفيف اجرأت الحجر الصحي على نطاق واسع وبشكل سريع قد يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة. وإن الموجة الثانية من الوباء ستمثل ضربة قوية للاقتصاد
ويضيف في هذا السياق أن الموجة الثانية ستكون لها عواقب وخيمة على القطاعات الرئيسية وخاصة قطاع الخدمات، ولو لم تؤد إلى شلل اقتصادي تام مثلما حدث في المرة السابقة
انهيار اقتصاد القوى العظمى
انحرفت التجارة العالمية مع الازمة الصحية في الطين عن مسارها؛ حيث تأثر 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ، وهي موجة صدمة للتجارة العالمية إذ تُمثّل الصين ربع الإنتاج العالمي، كما تستهلك 27 بالمئة من إنتاج الكمبيوتر على مستوى العالم، و60 بالمئة من إنتاج الباراسيتامول، ولكنها أيضاً مُقدمة رئيسية للطلب في آسيا، بالإضافة إلى كونها سوقاً عالمياً كبيراً لقطاعات كثيرة؛ مثل القطاعات الكمالية (35 بالمئة من المبيعات)، والسيارات (40 بالمئة من مبيعات فولكس فاجن)، والإلكترونيات (20 بالمئة من مبيعات آبل)
الاقتصاد الامريكي في عصر الكورونا
تُعتبر أمريكا التي تشكل 25 بالمئة من الاقتصاد العالمي بناتج محلي إجمالي بلغ عام 2018 (20.4) ترليون دولار أمريكي الأكثر ضرراً، قد أشارت دراسة أن التكلفة المتوقعة للمال المهدر في أمريكا يمكن أن تصل إلى 1.7 تريليون دولار عام 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا، والمال المُهدر هنا يعود إلى الإجراءات الاحترازية الناجمة عن تفشي فايروس كورونا مثل تعليق الدروس، وإلغاء تنظيم الكثير من الفعاليات، والتباعد الاجتماعي، وتأثير ذلك بشكل كبير على مجموعة كاملة من الصناعات في الولايات المتحدة
وفي تقرير نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، أكد الكاتب ديزموند لاشمان أن شبح موجة ثانية من فيروس كورونا يُخيم على الولايات المتحدة واقتصاديات العالم، لكن المثير للقلق هو خطاب إدارة ترامب المتفائل الذي يرى أن الاقتصاد على أعتاب حالة من الانتعاش بعد أن مر بفترة ركود هي الأسوأ منذ عشرات السنين
وعبّر الكاتب عن أمله في ألا تصر إدارة ترامب على نظرتها المتفائلة بشأن انتعاش الاقتصاد الفترة القادمة، مشددا على ضرورة وضع خطط طوارئ تمكنها من الاستجابة السريعة والفعالة في حال تعثر الاقتصاد مجددا جراء موجة ثانية من فيروس كورونا المستجد في وقت لاحق من هذا العام
ومع ذلك، تستفيد قطاعات معينة من الأزمة، مع الاستفادة من خروج أقل للسكان، وبالتالي؛ فإنّ مؤسسات “Netflix” و”Amazon” وناشر ألعاب الفيديو “Activision Blizza” وغيرها؛ المصنفة في مؤشر جديد لسوق الأوراق المالية يسمَّى “البقاء في المنزل”، تُحقّق فوائد جيدة، تماماً مثل منصات العمل عن بُعد، أو الاستشارات عن بعد
توقعات صندوق النقد الدولي
يتوقع صندوق النقد الدولي انكماش دخل الفرد في أكثر من 170 دولة -مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي العالمي- بنسبة 3% مع استمرار الركود العالمي خلال العام 2020. ومن المتوقع أن يأتي الانتعاش الاقتصادي في العام 2021 بشكل جزئي فقط، لكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل عودة الطلب إلى مستويات ما قبل فيروس كورونا المستجد. وما زلنا غير متيقنين من قدرتنا على خوض مواجهة ثانية أو موجات لاحقة من الفيروس يمكنها أن تسبب ركودًا طويلًا أو حتى كسادًا. وسيستمر هذا الحال حتى اكتشاف اللقاح، الذي تشير التقديرات إلى توفره في ربيع العام 2021
ومن أجل تدارك المخاوف التي يعيشها العالم من هذا الفيروس التاجي ، فان يجب على الحكومات أن تنفق في هذه المرحلة للحيلولة دون وقوع انهيار كارثي قد يُحدث أضراراً أكبر من تلك المتوقعة أن تحدث خلال هذا العام
والعمل على استرجاع ثقة المستهلك والمستثمر فقد أكدت دراسة أن مزيجاً من انخفاض أسعار وضعف الطلب الكلي وتزايد أزمة الديون وتفاقم توزيع الدخل كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى دوامة من التراجع تجعل من الوضع أكثر سوءاً في جميع أنحاء العالم.