إنَ للمجتمع المدني دور أساسي في صنع القرار حيث يمثَل خطوة مركزية من أجل إرساء دعائم الديمقراطية التشاركية لمجابهة تحديَات الانتقال الديمقراطي التي تعيشها تونس.
ولعلَ بلادنا اليوم تسعى لإيجاد حلول ناجعة لمكافحة الفساد، حيث أعلن مجلس نواب الشعب الانطلاق في مسار إعداد وإنجاز الاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد للخماسية القادمة. وأكَد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب في هذا الإطار أنَ” تونس في ظل محاربة لغول كبير يهدَدها يدعى الفساد”.
يمكننا القول بأنَ إحدى آليات مكافحة الفساد هي تركيز نماذج النزاهة، الذي يمكَننا من تركيز حكومة محليَة قويَة قادرة على توفير الخدمات اللازمة. ما يعني أنَها تكون قابلة للمساءلة من طرف المواطن. فحسب الفصل 139 من مجلَة الجماعات المحليَة: ” تعتمد الجماعات المحلية آليات الديمقراطية التشاركية، ومبادئ الحوكمة المفتوحة، لضمان إسهام أوسع للمواطنين والمجتمع المدني في إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها طبقا لما يضبطه القانون”. وليكون المواطن قادرا على مساءلة بلديَته يجب أن تتوفَر لديه المعلومات للمشاركة في صنع القرار المحلي.
هذا ما عملت عليه مؤسسة الياسمين للبحث والتواصل في إطار مشروعها نبني.TN، حيش انطلقت مؤسسة الياسمين منذ شهر ديسمبر 2018 في السعي إلى تعزيز قدرات المواطنين ودعم البلديات من أجل خلق فضاءات مشتركة ترسيخا للديمقراطية المحلية بالاعتماد على مبدأي الشفافية والتشاركية.
فمشروع نبني.TN خلق مقاربة جديدة لمكافحة الفساد تكمن في خلق البديل من خلال بناء النزاهة والشفافية والمساءلة الاجتماعية كثقافة لدى المواطن والبلدية ما يمكَن من إحلال النزاهة في المجتمع.
سعيا إلى تقييم الواقع المحلي وتعزيز التواصل بين المتساكنين وصناع القرار المحليين، أطلقت مؤسسة الياسمين للبحث والتواصل نشرية محليَة إخبارية شاملة تلخًص مستجدَات البلديات بهدف بناء مشاركة فعالة للمواطنين ومساءلة حقيقية للحكومة المحلية. إذ يقوم الراصدون المحليون لمؤسسة الياسمين برصد مستجدات بلدياتهم ويوثقونها في هذه النشريات ما يمكن من تقوية التواصل بين المواطن الراصد وصانع القرار المحلي. وتمكن بذلك الراصدون المحليون من دفع البلديات لمنح المزيد من حق النفاذ إلى المعلومة، فلتكون الحكومات المحلية قابلة للمساءلة يجب أن تكون مرتكزة على المعلومة بما معناه أن يتوفر حق النفاذ إلى المعلومة للمواطن.
إن المساءلة الاجتماعية كممارسة ديمقراطية تتعلق أساسا بمبدأ المشاركة الفعالة ما يمكن من تصميم وتنفيذ حلول ناجعة من شأنها أن تؤدي إلى تحسين جودة الخدمات العمومية بمشاركة جميع الأطراف المتدخلة. ولا يمكن تنفيذ حلول ناجعة إلا عن طريق رصد احتياجات المواطن في جهته، ولذلك قامت مؤسسة الياسمين بمسح ميداني عن طريق الاستبيان الذي يأتي في إطار الدراسة التي شرعت مؤسسة الياسمين في إنجازها بالتعاون مع البلديات حول تحسين الخدمات البلدية وحوكمة آدائها. ويهدف الاستبيان إلى التعرف على مؤشرات الحوكمة وتقييم مستوى الرضا لسكان البلديات والأحياء التي وقع عليها الاختيار.
يأتي مشروع “نبني.TN” بالشراكة الأمريكية الشرق الأوسطية (MEPI)، وهو برنامج تدريب لفائدة المواطﻧﯾن في 4 ولايات مُستهدفة (بن عروس، بنزرت، سيدي بوزيد، مدنين) بهدف تطوير قدراتهم وتعريفهم بأدوار كافة المتدخلين في الشأن المحلي من خلال ﺗدرﯾﺑﮭم على مفاهيم الديمقراطية التشاركية والحوكمة المحلية وتفعيل دورهم في المشاركة في رصد وتقييم العمل البلدي.