الرئيسية / ديمقراطية / دولة القانون والمؤسسات / دولة القانون والمؤسسات أنشطة / التحديّات الإقتصادية ما بعد الربيع العربي

التحديّات الإقتصادية ما بعد الربيع العربي

 

rabiaarabi

عقد في العاصمة القطرية الدوحة مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط بالتزامن مع انطلاق فعاليات منتدى الدوحة الثالث عشر، خلال الفترة (20 – 22) من مايو الحالي، وقد حظيت التحديات والمصاعب التي تواجه دول الربيع العربي بالمناقشة والحوار، واحتلت التحديات الاقتصادية والتنموية مركز الصدارة في أجندة المنتدى والمؤتمر، حيث ركز المشاركون والمحاضرون على جملة من القضايا والمسائل في الجانبين الاقتصادي والتنموي، كان أبرزها ما يلي :
> أهمية الجذور والعوامل الاقتصادية في أحداث الربيع، إلى جانب جذورها السياسية والاجتماعية، حيث شكلت عوامل الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية وكذا الإدارة غير الرشيدة، وما أدت إليه من اتساع التفاوت في توزيع الدخول والثروات بين فئات الشعوب وأقاليم الدول ومناطقها، إلى جانب انتهاك حقوق المواطنين وكرامتهم، وغير ذلك قوى دفع وأسباباً رئيسية للثورات العربية.
> إن دول الربيع العربي تواجه تحديات ومصاعب اقتصادية وتنموية حقيقية غير هينة، وبدون استثناء، ومع الأخذ في الاعتبار خصوصية كل دولة تعاني هذه الدول من اختلالات عديدة وتحديات متنوعة مثل ضعف نموها الاقتصادي، وارتفاع نسب البطالة، خصوصاً بين الشباب، وكذلك زيادة الفقر وارتفاع معدلاته، ويتزامن ذلك مع اختلالات توازناتها الداخلية والخارجية (وبالذات الموازنات العامة وموازين المدفوعات).
> إن التركيز على المسارات والجوانب السياسية من قبل الحكومات الجديدة في المراحل الانتقالية قد يفاقم ويوسع من التحديات الاقتصادية والتنموية، خاصةً وأن هذه الحكومات ما زالت تتبع سياسات وإجراءات غير مختلفة أو مشابهة لتلك التي كانت في الأنظمة السابقة التي أسقطتها الثورات العربية.
> كذلك ما يسود عالم اليوم من أوضاع اقتصادية وسياسية دولية غير مواتية بسبب استمرار انعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية واتساع نطاقها إلى نطاق الاتحاد الأوروبي.
وسياسياً تواجه دول الربيع العربي والعرب عموماً تحديات مستقبلية في عالم متغير ليشهد ولادة نظام عالمي جديد في ظل التراجع النسبي لقوة الولايات المتحدة الأميركية التي لم تعد قوة خارقة، ويعود ذلك جزئياً إلى صعود قوى سياسية واقتصادية جديدة مثل الصين والبرازيل وروسيا الاتحادية والهند، بحيث شهد العالم الغربي نهاية لهيمنته.
استناداً إلى ما سبق قدم المتحدثون والمشاركون العديد من الآراء والمقترحات لمعالجة هذه التحديات والمصاعب يأتي في مقدمتها ضرورة التزام الحكومة الجديدة في دول الربيع العربي التي تمر بالمرحلة الانتقالية، وبالذات حكومات تونس ومصر واليمن، بالعمل على ثلاثة مسارات رئيسية وفي وقت واحد «أي بالتزامن»، وهي المسارات السياسية، والاقتصادية والأمنية، بحيث ينال المسار الاقتصادي نفس القدر من الاهتمام بالمسار السياسي والعملية السياسية.
وكذلك ضرورة تبني الحكومات الجديدة لمقاربات وسياسات وبالتالي لمعالجات اقتصادية وتنموية جديدة غير تقليدية، محذرين من اتباع نفس السياسات والإجراءات السابقة، بما في ذلك السياسات التقشفية والانكماشية قد تؤدي إلى زيادة معدلات البطالة والفقر وتضعف من معدلات النمو الاقتصادي الضعيفة أصلاً.. ولذلك يجب الاستفادة من الأخطاء السابقة إلى أقصى حد ممكن.. فالشعوب لا تقتات على الشعارات ولن تتوقف حتى تحقق آمالها المشروعة وضمان كرامتهم الإنسانية.
وثالثاً على الحكومات الجديدة الالتزام الكامل بمبادئ الحوكمة والإدارة الرشيدة بكافة أبعادها ومكوناتها بما في ذلك مواجهة شعوبها بحقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي ورثتها من الأنظمة السابقة، وأن معالجة هذه الأوضاع غير السليمة يتطلب سياسات وإجراءات جذرية، وكذلك تضحيات حقيقية يتحمل عبئها الطرفان، الحكومات الجديدة والشعوب، كما يجب إشراك كافة الفاعلين اقتصادياً واجتماعياً في عملية إعادة بناء دول الربيع العربي، بما في ذلك إقامة تعاون حقيقي وعلاقات وثيقة تؤدي إلى شراكات فاعلة اقتصادية وتنموية بين هذه الحكومات والقطاع الخاص بكافة مكوناته، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني،، فالثورات العربية تستهدف، وما تزال تمكين الشعوب من المشاركة الفعلية في منع القرارات الاقتصادية والسياسية من خلال إقامة وتطوير المؤسسات الضامنة لهذه المشاركة وأن لا يكون الأمر مجرد الإدلاء بالأصوات في فترات الانتخابات المحدودة.
ويتسع هذا الأمر إلى ضمان تمكين الشعوب من نيل حقوقها الإنسانية والعيش الكريم ومنع كل أشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي هذا الإطارحذر بعض المتحدثين والمشاركين في منتدى الدوحة ومؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط الذي تحرص جامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس – على إقامته سنوياً بالتزامن مع فعاليات المنتدى،حذروا من تحول الأحزاب والقوى السياسية الصاعدة في دول الربيع العربي إلى قوى متمسكة بالسلطة ومسيطرة على مفاصلها وأن معيار نجاحها يتوقف على إشراك كافة مواطنيها وارتقائها بمبادئ الديمقراطية والمشاركة الشعبية الحقيقية، والابتعاد عن تطبيق مقاربات وسياسات اقتصادية وسياسية مشابهة للأنظمة السابقة التي أطاحت بها الثورات العربية.
في المقابل أبرز المتحدثون والمشاركون في منتدى الدوحة مسؤولية المجتمع الدولي عامة ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة في مساعدة دول الربيع العربي في تجاوز التحديات والصعوبات التي تواجهها وبالذات تلك الدول التي تمر بالمرحلة الانتقالية حيث دعا رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون إلى تأسيس بنك تنموي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودعا آخرون إلى مشروع مشرال عزلي لتمكين دول الربيع آخرون إلى مشروع مرشال عربي لتمكين دول الربيع من تجاوز أزماتها والتحديات التي تواجهها، معتبرين أن ذلك سوف يساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والسلم الاجماعي في المنطقة العربية، وشدد بعض المتحدثين مثل سارة كليف المديرة في البنك الدولي على أهمية السرعة في دعم حكومات وشعوب دول الربيع العربي وأن السرعة قد أصبحت عاملاً أساسيا في تقديم الدعم للدول التي تمر بمرحلة الانتقالية لأن التغييرات التي تشهدها هذه الدول تشتمل على مكونات لإعادة بناء الثقة بين الحكومات ومواطنيها المتعطشين للتغيير السريع وهنا تصبح المشاريع التي تحتاج عامين مثلاً لانجازها مشاريع طويلة جداً، وفي هذا الصعدد قالت سارة كليف: لقد كنت للتو في اليمن حيث كانت هناك وعود ضخمة بالمساعدة والدعم ولكن معظم هذه المساعدات لمشاريع بنى تحتية لايمكن تحقيقها خلال الأثني عشر شهراً القادمة أي قبل الانتخابات القادمة.
الجدير بالذكر أنه رغم المشاركة الواسعة لبلادنا على المستويين الرسمي وغير الحكومي في أعمال المنتدى والمؤتمر إلاَّ أن غياب الدكتور ياسين سعيد نعمان كمتحدث في الجلسة الختامية للمنتدى التي نظمها مركز بروكنجز بالدوحة كان له أثر في عدم إبراز تجربة اليمن في الانتقال السلمي للسلطة خصوصاً وأن موضوع هذه الجلسة كان بناء ديمقراطية الإصلاح المؤسساتي بعد الربيع العربي، وقد حاول الأخ علي العمراني وزير الإعلام في مداخلته تسليط بعض جوانب التميز في التجربة اليمنية.

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى