تسبّب فيروس كورونا المُستَجد في تغيير المسار السياسي والاقتصادي لأكبر بلدان العالم وكان من البديهي أن تُساير تونس هذه المستجدات وتسعى لاتخاذ خطَة طوارئ عاجلة وتفعيل كل الإجراءات الاحترازية والتضامنية التي من شأنها حماية البلاد وشعبها من الأضرار المحتملة. وفي هذا الإطار اضطلعت بلدية العالية كسلطة محلية منتخبة بكامل مسؤولياتها مُجنَدة إدارتها ومجلسها البلدي لخدمة مواطنيها في كل وقت وحين خاصة خلال هاته الأيام الصعبة التي تعتبر حربا ضروسا ضد هذه الجائحة.
فمنذ ظهور هذا الفيروس في تونس، انطلقت بلدية العالية في ماراطون اجتماعات مع كل السلط المحلية والمؤسسات العمومية وخاصة منها الصحية والخدماتية والأمنية وكل نسيج المجتمع المدني بالعالية وعقد جلسات استثنائية للمجلس البلدي تمّ خلالها اتخاذ إجراءات إضافية وخطوات استباقية حتى قبل الاعلان عن الحجر الصحي الشامل وذلك لمنع دخول وانتشار الفيروس بالمنطقة البلدية بالعالية وقد افتتحت خطتها بحملات تحسيسية بالشراكة مع المجتمع المدني للتعريف بالوباء وكيفية الوقاية منه.
الإجراءات الاستعجاليَة المتَخذة لمجابهة فيروس كورونا
مع اكتشاف الإصابة الأولى بولاية بنزرت سارع المجلس البلدي باتخاذ قرارات استباقية منها منع استعمال الكراسي والطاولات والشيشة بالمقاهي ومنع انتصاب السوق الاسبوعية ليوم الاثنين وسوق الخضر والغلال ليوم الأحد، بالإضافة إلى ايقاف نشاط قاعات الأفراح والحمامات ومحاضن الأطفال والروضات والكتاتيب مع الحرص على تنفيذ القرارات ومعاقبة المخالفين بالتعاون مع المصالح الأمنية. ورغم ضعف الإمكانيات المادية والبشرية التي تعانيها بلدية العالية فقد بادرت بتخصيص الاعتمادات اللازمة لاقتناء مستلزمات الوقاية من انتشار فيروس كورونا وشرعت بحملات يومية لتعقيم وتطهير كل المؤسسات العمومية والشوارع والنهج والساحات مستعينة في ذلك بالنسيج الجمعياتي وبالشباب الفاعل. إلى جانب ذلك حرصت البلدية على مواصلة نشاطها اليومي في إسداء بعض الخدمات الادارية مع الحرص على تطبيق مختلف التعليمات الوقائية الصادرة عن السلطة المركزية وأيضا مواصلة عمليات النظافة ورفع الفضلات وتسخير أعوان بلديين للقيام بالأشغال الاستعجالية من اصلاح حفر او جهر بالوعات واصلاح شبكات تصريف المياه المستعملة التي من شأنها التأثير سلبا على الصحة العامة.
ورغم عدم وجود أي حالة إصابة بالمنطقة البلدية بالعالية فقد حرصت البلدية على تطبيق كل الأوامر والقرارات الحكومية بالتنسيق مع كل السلط المحلية والأمنية وأحدثت للغرض خلية يقظة وإنصات بمقر البلدية لمتابعة الأوضاع مع تخصيص رقم هاتفي خاص بكل عضو للإجابة على أسئلة المواطنين إلى جانب التطبيقة الذكية.
هذا وقامت البلدية بتركيز خيمة بالمستشفى المحلي كغرفة ما قبل الفحص للقيام بعملية الفحص الأولي والتقصي قبل الدخول للمستشفى.
إيمانا منها بفاعليَة المُجتمع المدني وقت الأزمات عملت البلدية مع كل السلط المحلية على تفعيل ومساندة كل مبادرات النسيج الجمعياتي والمنظماتي والذي نذكر منه على سبيل الذكر لا الحصر: اللجنة المحلية للتضامن الاجتماعي والاتحاد المحلي للفلاحين ونقابة الفلاحين ونادي الشبان والعلم وفوج الكشافة وفرع الهلال الأحمر التونسي والغرفة الفتية الاقتصادية وجمعية التنمية الثقافية بالخيمتين وراديو واب العالية وراديو تواصل والفرع المحلي للمنظمة الدولية للقيادات الشبابية. وقد تمثلت هذه التدخلات في: توفير الرّصيد البشري المؤهل لحسن سير ونجاعة التدخل الميداني خاصة في مجال توزيع المساعدات العَينيَّة على المُحتاجين، بعث خلايا الأزمة للاستماع والإرشاد وتحديد مشاغل المواطنين وتقديم النصائح الملائمة لهم والتكفل بجلب الأدوية وقضاء الحاجيات اليومية لبعض العائلات، المراقبة المستمرة لكل الفضاءات العموميّة والتجاريّة والخدماتيّة ومحاولة تنظيم صفوف المواطنين لكيلا تصبح بؤرة لتفشي الفيروس، المشاركة في حملات تعقيم الساحات والشوارع والأنهج. إلى جانب ذلك فقد عملت البلدية على توظيف بعض من مواردها والاستعانة ببعض رجال أعمال المنطقة وأهل الخير لدعم مجهوداتها وتذليل بقية النقائص وذلك باقتناء أزياء لفائدة عملة بلدية العالية وتزويد المستشفى المحلي بالعالية ببعض المعدات الطبية الهامة وخياطة كمية كبيرة من الكمامات لفائدة أعوان البلدية والادارات العمومية والمستشفى المحلي والمصالح الأمنية الذين يحتلون الصدارة دائما في مواجهة الأخطار وتزويد خلايا الأزمة بكل وسائل الوقاية وذلك في حدود إمكانياتها.
إنَ الرِّهان الحقيقي اليوم يقع على عاتق المواطن، الرهان على وعيه والتزامه بتداعيات الأزمة، وضرورة احترام التدابير الوقائية لحماية نفسه أوّلا والإحاطة ببقية مكونات المجتمع. فالوعي المُجتمعي بمشكلات المرحلة الراهنة هو أساس الخروج من براثن الأزمة والتّفاعل الإيجابي يُساعد البلدية على توفير لا فقط الإمكانيات والطاقات البشرية بل أيضا مجموعة من الأفكار المتجددة والآراء التي يمكن لها أن تساهم في استنباط حلول فعالة تساعدها على مجابهة هذه الأزمة.
رسالة إلى السلطة المركزية
تدعو بلدية العالية السيد رئيس الحكومة ووزارة الشؤون المحلية لدعم جهود البلديات وتثمين دورها والتشاور ورفع درجات التنسيق معها وعدم تقييدها بالرجوع الى السلطة المركزية في أخذ قراراتها مثلما جاء في منشور رئيس الحكومة عدد 9 بتاريخ 25 مارس 2020. وهنا يجدر التذكير أن الرقابة المسبقة لسلطة الإشراف قد ولّت منذ إرساء دستور الجمهورية الثانية في 26 جانفي 2014 وصدور مجلة الجماعات المحلية بتاريخ 9 ماي 2018 بإرساء السلطة المحلية وبالتالي فإن البلديات لن تفرط في صلاحياتها التي تضمنها الدستور ومجلة الجماعات المحلية تحت أي تعلَة وفي أي ظرف. كما ندعو السيد رئيس الحكومة من هذا المنبر لدعم صلاحيات البلدية وخاصة منها إعادة النظر في سلك الشرطة البلدية حتى يكون للبلدية جهاز رقابي وتنفيذي فاعل لكيلا تبقى القرارات البلدية حبرا على ورق.
السيَدة سميّة الحبيب
مساعد رئيس بلدية ورئيسة لجنة الإعلام والتعاون اللامركزي ببلدية العالية، بنزرت