بعد أيَام قليلة من إعلان وزارة الصحَة التونسية اكتشاف أول حالة إصابة مؤكَدة بفيروس كورونا؛ أطلق عدد من ناشطي المجتمع المدني حملات دعم ومساندة لمعاضدة مجهود الدولة في الحدَ من انتشار هذا الوباء الذي بات يُهدَد مصير آلاف التونسيين.
كانت الحملات في بدايتها افتراضيَة، لكنها سرعان ما انتقلت إلى أرض الواقع بعد أن شدَدت السلطات إجراءاتها لاحتواء هذه الجائحة، حيث انطلقت المبادرات المواطنية للقيام بحملات تعقيم لعدد من المنشآت والمؤسسات بالإضافة لحملات توعويَة تستهدف عموم التونسيين. فبالتوازي مع مجهودات الدولة، فإن المجتمع المدني يلعب دورا هامَا في إدارة أزمة هذا الفيروس المستجدَ. حيث بادرَ في مختلف ولايات الجمهورية لمعاضدة المجهودات الوطنيَة والجهويَة في التصدَي للوباء.
فرضت الدولة بداية من يوم الأحد 22 مارس 2020 الحجر الصحَي الشامل الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد عقب اجتماع مجلس الأمن القومي، وعلى جميعنا الالتزام به، فهذه فترة وجيزة ضرورية للتوقي من انتشار الفيروس لن تنجح الا إن لازمنا بيوتنا واحترمنا إجراءات الحجر الذاتي والعام.
زمن العزلة هذا قد لا يكون محنة علينا بل منحة في زمن معولم تعودنا فيه على نمط حياة سريع لا يسمح بأخذ الوقت لممارسة العديد من الاشياء المهمة مثل التفكير المعمق في خياراتنا، في نمط حياتنا وخاصة وبشكل أبسط التواصل الحقيقي بين أفراد الأسرة وتقاسم هذه الأوقات الطويلة سويَة فضلا عن أن فيروس كورونا يُغيَر من أسلوب حياتنا للأفضل من حيث الاهتمام أكثر بالنظافة واتبَاع عادات صحيَة وغذائية سليمة. وقد يغير بشكل دائم علا قتنا بالفضاء العام وبالبيئة.
علينا أن نُذكّر أنفسنا في كل لحظة أو يوم في الفترات العصيبة بأن مجتمعات لديها تاريخ طويل كمجتمعنا تملك القدرة على المقاومة ولديها الطاقة الخلاقة لتحويل الأزمة الى فرصة للتطور والنجاح. نحن نملك ما سيمكننا من الخروج من الأزمة ووقاية أنفسنا من هذا المرض بنجاح، إنها “إرادة الحياة”، تعبر عنها قوى حية من مجتمع مدني فاعل وشعب واع ونظام حكم ديمقراطي متفاعل مع رأي عام متيقظ.
إنَ بلادنا تخوض حربا جرثوميَة تتطلب منَا مساندتها ومساندة مجهود منظومة الصحَة خصوصا. فوزارة الصحَة قامت بتشخيص الوباء واهتدت للأسلوب الأمثل للسيطرة عليه، ولكنَ الجميع يُمكن أن يقوم بدور فعَال في رفع المعنويَات وتعزيز الإحساس بالوطنيَة. وهناك مؤشَرات قويَة إلى كون المجتمع المدني سيلعب أدواراً مهمَة أيضا في السيطرة على هذا الوباء. الوباء كالنَار ولعلها تقضي في ظل العزل الصحي على ما تبقى من أمراض الديكتاتورية فيولد مجتمعنا من جديد بعده ينطلق دون قيود نحو التنمية الشاملة والمستدامة.
بقلم: إشراق بن حمودة