تعتبر الإجراءات المعلنة من قبل السلطات الرسمية ضرورية للتحكّم الى حد ما في انتشار الفيروس ، لكن يبقى نجاح الاستراتيجية الوطنية في الحد أكثر ما يمكن من الخسائر هو التزام المواطنين بهذه التوصيات. ذلك أن البلدان التي نجحت الى حد كبير في السيطرة على الوباء استندت الى عاملين أساسين الأول إمكانيات تقنية ومالية وبشرية هامة وثانيا انضباط ووعي مواطني بالتوصيات العامة وخاصة بالحجر الصحي. وفي تونس وفي ظل محدودية الإمكانيات يبقى الملاذ الوحيد لتفادي الكارثة وعي المواطن بالالتزام بالتعليمات الصحّية والانخراط في المجهود التطوعي.
فاليوم لم نعد نتحدث عن خلافات برلمانية وصراعات سياسية، مشهد لم نعتد به من قبل الجميع يد وحدة ضد الكورونا فرغم احترام المسافة توقيا من الفيروس الا ان الكل يعمل كخلية نحل أمام عدو سيطال كل مواطن اذا لم يتّبع الإجراءات الوقائية اللازم.
عبرت منظمة الصحّة العالمية عن قلقها من وصول فيروس كورونا إلى تونس، “لأن هذا البلد تنقصه البنية التحتية في المجال الصحي لمقاومة فيروس كورونا” وفق مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس.
لكن انتشار هذا الفيروس القاتل أثبت أن المشكل ليس في قوة النظام الصحي وتوفير بنية تحتية من المستشفيات بل المشكل الفعلي هو كيفية توقيف سرعة العدوى لذلك فشلت الدول الأوروبية المتقدمة في الحد من انتشار الفيروس في البداية لأنها تعاملت باستسهال مع هذا الوباء وهو ما يفسر وصول هذه الدول الى ذروة الاصابات في وقت قصير جدا فالبلدان الأوروبية الثلاث اسبانيا وأروبا وايطاليا لم تستوعب حجم المصيب الا عندما وصل عدد الاصابات اليومي بالألف عندها فقط ادركت هذه الدول ضرورة اتخاذ اجراءات قوية لحماية مواطنيها ووصلت لحدود فرض الحجرالصحي الشامل واغلاق جميع الحدود البرية والجوية والبحرية.
وربما تونس أخذت درسا مما يحصل مع جارتها ايطاليا التي حصدت موت المئات في يوم واحد فقط من مواطنيها نتيجة تهاون البدايات. خيرت بلدنا الذات البشرية في محنة الكورونا على الرهانات الاقتصادية واعتبرت ان مشكلة قدرة النظام الصحي ليست كافية وحدها بقدر ما هي مشكلة انضباط وتطبيق للإجراءات الوقائية اللازمة خاصة المرتبطة بمنع انتشار فيروس كورونا وانتقال العدوى لذلك مسؤولية مكافحة العدوى، لا تقع فقط من السلطات والحكومة بل تشمل الجميع من خلال الامتثال الى الاجراءات المعمول بها من قبل وزارة الصحة هي مسؤولية فردية لمعاضدة جهود الدولة.
وفي هذا الاطار، يمكن أن نثمن دور المجتمع المدني الذي يلعب هذه الأيام دور مهم جدا سواء على المستوى التوعوي أو على المستوى النفسي للمواطن من خلال رسالات ايجابية قد تختلف المبادرات لكن اتفقت على نفس النقطة لنقول أنها نقطة القوة في مجابهة الوباء.
« شد دراك« حملة تطلقها مؤسسة الياسمين للبحث والتواصل تزامنا مع بقية حملات للمجتمع المدني ليدرك كل فرد من مجتمعنا أن المسؤولية فردية لتكون بعدها مسؤولية جماعية في معاضدة مجهودات الدولة عندها فقط نكون قد خطونا الخطوة الصحيحة في وضع انتشار هذا الوباء الفتاك. الهدف من المبادرة هو احداث اثر مجتمعي واسع النطاق للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد وخلق موجة وعي لدى المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الوعي والتثقيف.
لا تقدر الحكومة لوحدها مقاومة تفشي الوباء، فدور المجتمع المدني يبدأ أساسا بتهيئة تعبئة شعبية كاملة لتطبيق اجراءات الحجر الصحي وتوعية الفئات الشعبية كما يتواصل دوره في ما بعد الأزمة في مجابهة تداعيات الوباء على الاقتصاد في مختلف الشرائح الاجتماعية.
بقلم: منال بن يحي