لم يكن شيئا هينا، فبظهور فيروس كرورنا تعددت السلوكيات الفردية التي طالها الرفض والانتقاد ما بين التهكم على محاولات التعقيم غير الصحيحة، أو الإصرار على التواجد خارج المنزل من دون ضرورة، أو التعامل بلا مبالاة من دون اتخاذ الحذر الكافي، أو عدم الحرص بصدق على تجنب نقل العدوى لمن قد تمثل له الإصابة خطراً كبيراً لكبر سنهم أو ضعف حالتهم الصحية.
معركة ضد عدو معلوم لكنها غير متكافئة فالكورونا وباء يحتفظ بسر شراسته وحجم ضرره الى حد الان فبني البشر يكابد هول النتائج ويقف مرتبكا بالسيناريوهات القادمة بين متفائل ومتشائم.
فكثيرة هي المظاهر السلبية التي تتفشى في مثل هذه الاوضاع نتيجة نقص في الوعي او الوعي الزائف لكن المظاهر الايجابية لا تقل اهمية كذلك وهي تؤشر لوعي انساني بضرورة الحفاظ على الحياة والتضامن والتآزر والتعاون وابتكار كل أشكال والادوات لتحقيق ذلك من خلال المبادرات والاليات والبرامج بقطع النظر عن حجمها وشروطها المادية، فكل الطرق جائزة في الحرب على الكورونا وكل جهد انساني في هذا الاتجاه يجب تثمينه.
في هذا الاطار، يبرز دور بعض الاحزاب السياسية ومسؤولين في الدولة وأصحاب القرار وحتى الشخصيات المؤثرة والمشهورة الكل من منبره يسعى للوصول لحل يقضي أو لنقول يحد من هلع وخوف التونسيين من انتشار الوباء الذي قلب في بضعة اشهر العالم بأسره رأسا على عقب.
ومن هنا لا يمكن ان ننسى حضور المجتمع المدني ودوره في مشاركة الحكومات في حد من الأزمة، فقد عرف بتواجده في جميع الأزمات في الصفوف الأمامية باعتباره هو الأكثر قربا للمواطن بحكم المراكمة التاريخية
فقد حرصت الجمعيات في الفترة الأخيرة من خلال بعث حملات على جميع مواقع التواصل الاجتماعي سواء عبر صفحات خاصة أو فيديوهات تحسيسية لتكون يد واحدة لمجابهة الجائحة العالمية والحد من نسبة الخوف لدى المواطن التونسي، وفي نفس الوقت التحسيس بعدم التهاون في التعامل مع هذا الفيروس واكتساب عادات وقائية لم يعهدها التونسي من قبل للحد من انتشاره، في انتظار ايجاد الباحثين حل لهذا الوباء في كل أصقاع العالم من جهة والحث على للامتثال للأوامر الحكومية الاخيرة من جهة اخرى.
لكن تبقى كل هذه المبادرات غير كافية ينقصها دعم من الهياكل المختصة، مشهد ضبابي غير مكتمل مجهودات يومية حكومية للحد من الانتشار الفيروس في المقابل يغيب تشريك فعلى للمجتمع المدني في الاستراتيجية الوطنية الذي كان له دور مهم في عدة مناسبات سابقة.
ففي سنة 2008اشتكت منظمات المجتمع المدني ، خلال الاجتماع رفيع المستوى في الأمم المتحدة المتعلق بفيروس نقص المناعة المكتسبة والإيدز، من غياب شراكة حقيقية مع الحكومات في مجال مكافحة الوباء، وجاء في البيان الصادر عن منظمات المجتمع المدني، والذي وقعت عليه 100 منظمة أن الأمم المتحدة أقرت أن تعزيز تدخل منظمات المجتمع المدني يشكل الاستراتيجية الحيوية لمكافحة الإيدز….ولكن يجب أن تكون مشاركة منظمات المجتمع المدني في البعثات الوطنية الحكومية مشاركة رسمية وليست رمزية فقط.
ومن هنا يمكن القول أننا لازلنا في الخطوات الاولى في تطبيق المشاركة الفعلية للمجتمع المدني في تجاوز الازمات الوطنية والأوبئة، ولكن يبقى المجتمع المدني حريصا على المساهمة بمختلف الطرق لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد.
بقلم : منال بن يحى قسم الاعلام و الاتصال