في لقاء خاص مع مؤسسة الياسمين للدراسات في الذّكرى الثّالثة لثورة تونس، التي غيّرت وجه العالم العربي وفتحت الباب على مصراعيه أمام شعوب تتوق إلى الحريّة، أكّد السيّد اسكندر الرقيق أنّ: “من ذاق الحريّة لن يرجع للدكتاتوريّة” وأنّ: “فاتورة الحريّة ومهرها في تونس ستكون أقل الفواتير وأقل المهور التي دفعت للحريّة”، وأنّه “رغم التنكيل والحرق شعب مصر لن يعود عن الحريّة” وفي ما يلي نص الحوار الذي أجريناه معه:
1- كيف تقيّمون تجربة الثورة بعد 3 سنوات من اندلاعها؟ ما الذي تغيّر حسب رأيكم في تونس منذ 14 جانفي 2011؟
لقد أصبحنا اليوم نتنفس حريّة، لكن يجب أن تتبع هذه الحريّة بنمو، تنميّة، رفاه المواطن، وتحقيق كرامة الإنسان. لقد ضجر المواطن من انعدام مبدأ كرامة العيش. فاليوم وبعد 3 سنوات مازال الانتقال الديمقراطي هشّ ومؤقت فقد طالت مدة التأسيس ومدة صياغة الدستورومدة الحكم المؤقت. 3 سنوات مرت بها 5 حكومات ما أدى إلى عدم الاستقرار وهوما يجعل التجربة في خطر خاصة من إرجاع المنظومة القديمة: منظومة الدكتاتوريّة. صحيح تونس وتجربتها في خطر لكن من ذاق الحريّة لن يرجع إلى الدكتاتوريّة.
2- ماذا يعني 14 جانفي 2011 وماذا يمثّل لكم؟
14 جانفي يوم مشهود من أيام الله، يوم هروب المخلوع الطاغيّة الذي حكم البلاد بالحديد والنّار وهو عبرة لكل من يتصوّر أنّه سيسوس هذا الشعب بالفساد والمحسوبيّة، وبالترهيب والتّرغيب، يوم للشباب، يوم ستذكره الأجيال القادمة، يوم أكّد أنّ دوام الحال من المحال وأنّ الشعب سيقول كلمته وستنتصر إرادته.
3- ماهي حصيلة النجاحات التي تسجلونها فيما يخص الفترة التي مرت منذ 14 جانفي؟ وماهي التحديات التي لا زالت تواجه التونسيين حتّى ينجحوا في بناء الديمقراطيّة؟
من النجاحات أنّنا تعلّمنا الكثير وتم تطعيمنا ضدّ الهزات، التّونسي تعلّم كيف يتعامل مع الصدمة كالاغتيال السياسي، تعلّمنا كيف نتحاور ونتنازل لبعضنا من أجل المصلحة الوطنيّة. أشهر التعلّم طويلة، لكن تعلّمنا خلالها كيف نتعامل مع الإرهاب وكيف نتعامل مع نتائجه وكيف نتجاوزها. رغم ما يظهر من خسائر إلاّ أنّ الفاتورة الاقتصاديّة من تضخم وعجز الميزان التّجاري والارتباك لا تعدّ ثقيلة. ففاتورة الحريّة ومهرها في تونس ستكون أقل الفواتير ثمن وأقل المهور التي دفعت للحريّة.
لكن ستكون تونس دولة ديمقراطيّة حرة شعبها يختار من يسوسه، بحق لقد “هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخيّة”، فهناك أناس ماتت ولم ترى تونس على خطّ ديمقراطيّة حقيقيّة تتوفر الحريّة مع التنميّة المستدامة وكرامة العيش لللحاق يركب الدول الحرة والمتقدّمة، دولة وحكومة مفتوحة على شعبها الذي يحق له محاسبتها.
4- هل يترجم الدستور التونسي الجديد أشواق التونسيين وهل يعكس نضالاتهم للقطع مع الاستبداد؟
الدستور ليس نصا مجردا والمهم تطبيق بنوده، دستور بورقيبة جيّد على حرفه لكنّ تطبيقه كان نذلا وتبريره نزل إلى الحضيض. دستور الثورة جيّد مجملا يرتفع إلى طموحات كلّ من يؤمن بالحريّة والكرامة الوطنيّة والشفافيّة، دستور متوازن يجدة فيه الشعب نفسه إلاّ من شذّ. هناك من يريده دستور تيولوجي وآخر يريده معادي للدين لكنّ 90 % من الشعب يجد نفسه في الدستور الذي لن يعدّل إنشاء الله كي لا يكون لعبة في يد الأشخاص والأحزاب
5- كيف ترون مآلات ومستقبل الثورة في تونس والعالم العربي؟
بنظرة تفاؤوليّة، الحريّة ستنتصر على الدكتاتوريّة طال الزمن أو قصر، الظلم لن يكون هو السّائد. ما حدث اليوم في العالم العربي دليل على ذلك، انظر ما حدث للقذافي يؤكّد أنّ لكلّ ظالم يوم، فلا بدّ للقيد أن ينكسر ولا بدّ لليل أن ينجلي. هل نحن أمام دول حرة أم مازلنا سنعيش في عهد الحكم الجبري؟
نحن في أوّل الطريق ولكن لن نعود، لن نقايض الحريّة بالأمن لكن هناك جيوب ردة تريد أن تعود عن الحريّة لن يفلحوا، فرغم التنكيل والحرق شعب مصر لم يعود عن حريّته، يريدون تدجين الشعب المصري من تكميم أفواه وضغط على الإعلام وملء السّجون. أملي كبير في أن تنتصر إرادة الشعب المصري فهي دليل أنّ الشّعب المسلم واعي وسيّظلّ يعطي المثال. رغم أنّهم يمكرون مكر الليل والنّهار ويكيدون كيد الليل والنّهار، لترويض الشعب وإرجاع الدكتاتوريّة على نمط أصحاب نفوذ الدّاخل والخارج لكن إنشاء الله أبناؤنا تجني ثمار ما بذرنا وما زرعنا، ولولا الأمل لما استطاب العيش في هذه الرّبوع ولبحث الإنسان عن أرض أخرى وأرض الله واسعة.