مقدّمة
قامت الثورة التونسيّة على نظام سياسيّ يُسلّط قوّته عبر أدواته التنفيذيّة (قوّات الأمن) على من يخالفه الرأي، محتكرا القول والفعل متمركزا حول ذاته واضعا مواطني دولته على هامش سياساته. فقد اعتبر هذا النّظام المتسلّط المواطنين مجرّد طرف به تتحقّق معادلة الدولة. كما اتّخد هذا النّظام أنّ ممارسته القوّة الصلبة سبيلا لنشر الأمن في البلاد والحفاظ على استقرارها. لقد ثار التّونسيّون إذن على دولة أمعنت في حرمانهم الفعل والتعبير وأدنى الحقوق التي تضمن كرامتهم، إذ تفاقمت البطالة وتردّى مستوى العيش على الصعيد الصحيّ والخدماتيّ والحضريّ (بنية تحتيّة ووسائل تنقّل). اشتدّ وطء التسلّط فاندلعت الثورة ليخرج التونسيّ مطالبا بالشغل والحريّة والكرامة الوطنيّة. هذا التونسيّ الذي أقصته دولته من العمليّة الاقتصاديّة عبر غياب التنمية المتوازنة والعادلة بين الجهات وما ينبثق عنها من شحّ فرص العمل والنّشاط. كما صادرت حقّه في التّعبير محتكرة الرأي والقرار نائية بمواطنيها عن سبل الاختيار والمشاركة، ومعاقِبة بالقمع والسّجن والتّعذيب والإبعاد عن أرض الوطن كلّ من يتسّلل لهذي المساحات. إنّها الدولة التي قامت على المركزيّة في الرأي والإنتاج والخدمات. إذ تركّزت الإدارات الكبرى والمراكز الصحيّة الكبرى وأهمّ الشركات المشغّلة في العاصمة وبعض المدن الكبرى. تفاقم تهميش التخوم والمناطق الدّاخليّة وبان جليّا أنّ التهميش مسار تاريخيّ سطرته سياسات الدولة عبر قرون من احتكار القول والفعل. كانت ثورة على الإقصاء والحرمان وقودها الشعور بالا انتماء لدوائر الفعل بتنوّعه؛ اقتصاديّا وسياسيّا واجتماعيّا وثقافيّا، والإحساس بعدم الأمان من خلال عدم القدرة على ممارسة الخيارات والحريّات داخل أسوار الوطن.
ماهيّة الاستبعاد وعلاقته بالثورة التونسيّة
استعمل لفظ “التهميش” مرارا وتكرارا في السياق الثوري للتعبير عن حال مناطق عديدة من البلاد طالها الفقر وشحّ مواطن الشغل وعدم توفّر المرافق الصحية المجهّزة، بل غياب كلّ مقوّمات العيش الإنساني الكريم. استعمل التهميش مصطلحا يصف حال من يعيشون على الهامش، لكنّه ظلّ فضفاضا لا يضع الإصبع على الدّاء، غير دقيق في الإخبار عن الأسباب العميقة للظاهرة وعن الأطراف المتدخّلة في إفرازها.
كان للفظ التهميش –على المستوى العالميّ- تاريخ طويل من التعريفات والاستعمالات المرتبطة خاصّة بالفقر، حتّى وقوع التحولات الاجتماعية والسياسية الناتجة عن الأزمة الاقتصاديّة العالميّة لسبعينيّات القرن العشرين. هذه الأزمة التي أدّت إلى نقاش معمّق حول معاني واستخدامات مصطلحات عديدة منها الفقر والتهميش، ثمّ استنباط مصطلحات أكثر دقّة وتعبيرا على الواقع. في هذا السياق وفي منتصف سبعينيات القرن العشرين استعمل كاتب الدولة للعمل الاجتماعيّ، الفرنسي ريني لنوار René Lenoir) ( مصطلح “الاستبعاد” للإشارة إلى الأفراد الذين يعانون من مشكلات اجتماعيّة لكنّهم لا يتمتّعون بحماية الدولة (1). تطوّر إثرها مفهوم الاستبعاد ليُطلق على النّاس المحرومين جزئيّا أو كليّا من المشاركة في مجتمعاتهم. وقد تبنّى الاتحاد الأوروبيّ في مطلع التسعينات مصطلح “الاستبعاد” في مناقشة السياسات الاجتماعيّة، مركّزا أهداف مشاريعه الاجتماعيّة على مكافحة الاستبعاد الاجتماعيّ بعد أن كانت تقتصر على محاربة الفقر. عام 1990 في بريطانيا وقع قياس الاستبعاد باستعمال أربعة أبعاد وهي الاستهلاك والإنتاج والمشاركة السياسية والتفاعل الاجتماعي (2). اهتمّت عديد مدارس العلوم الاجتماعيّة المعاصرة وأهمّها المدرسة البريطانيّة، مدرسة أنتوني جدنز (Anthony Gyddnes) بالاستبعاد كونه مفهوما يرفع من قيمة الفرد فيخرجه من دور الضحيّة من جهة، ومن تحميله مسؤوليّة ذاتيّة عن وضعه الاقتصاديّ والاجتماعيّ من جهة أخرى. كما اعتبرت هذه المدرسة الاستبعاد أداة كاشفة للبنية الاجتماعيّة في المجتمعات؛ فالاستبعاد ليس أمرا ذاتيّا ولا يرجع إلى تدنّي القدرات الشخصيّة بقدر ما يمثّل نِتاج بنية اجتماعيّة معيّنة ومؤشّرا على أداء هذه البنية لوظائفها (3). كما أكّد “جدنز” ومختصّون آخرون في علم الاجتماع أنّ الاستبعاد هو غياب المساواة بين الناس أمام الفرص والموارد التي تضمن اندماجهم في مجتمعاتهم (4)(5).
ما سلف من إحاطة موجزة بمفهوم الاستبعاد يمكننا من التأكيد أنّ ما مارسته الدولة التسلّطية في تونس لقرون على أغلب فئات الشعب ومعظم مناطق البلاد من استبعاد يترجم فشلا في بناء منوال اقتصاديّ يؤسّس لبنية اجتماعيّة تضمن ادماج المواطنين فيها، كما تضمن تساوي الموارد والفرص بينهم. لذلك فإنّ الاستبعاد الذي مارسته الدولة التسلّطيّة يتجلّى في أبعاد متنوّعة منها السياسيّ والاقتصاديّ والثقافيّ والاجتماعيّ…
إذا كان الاستبعاد هو الحرمان من الولوج إلى الفرص والموارد وما ينتج عنه من اضطرابات وعِلل اجتماعيّة ومخاوف فرديّة، فإنّ القدرة على الوصول للموارد وممارسة الخيارات هو الأمن الذي يحتاجه الفرد حتّى يعيش حياة متوازنة. يمكن ملاحظة وجود علاقة “سبب/نتيجة” ذات اتجاهين بين الاستبعاد والأمن حيث يؤدّي اختلال أو غياب السياسات التي هدفها توفير الأمن للأفراد إلى استبعادهم، ويؤدّي استبعادهم إلى اختلال أمنهم في مستويات مختلفة مثل الأمن الاقتصاديّ والأمن الرّوحيّ. فيما يلي توضيح وتحليل للعلاقة بين الاستبعاد ومقاربة الأمن الإنسانيّ، استنادا على مخرجات بحوث ميدانيّة قام بها فريق مؤسّسة الياسمين في إطار مشروع “تفعيل مقاربة الأمن الإنساني للوقاية من التطرّف العنيف”، أنجزت في مناطق مختلفة متوزّعة على الخريطة التونسيّة. (6)
ما هو جليّ للعِيان أنّ التّخوم المحاذية للعاصمة وأهمّها الأحياء الشعبيّة مثل حيّ التضامن ودوّار هيشر والملّاسين عانت بدرجة كبيرة من اختلال الأمن الإنسانيّ في شتّى أبعاده (الاقتصاديّ، السياسيّ، الحضريّ…). فهذه المناطق لم تخضع لتخطيط عمرانيّ ورؤية حضريّة بعيدة المدى. لذا فقد أدّى تدفّق السكّان وهم النّازحون نحو العاصمة من مختلف الجهات بحثا عن مورد رزق (نزوح سببه مركزيّة الدولة) إلى توسّع مجاليّ غير منظّم وغير مُرتَقَب ساهم في عزل هذه المناطق الممتدّة عن المحيط الحضريّ المجاور وأبرزه العاصمة التي فيها تتمركز المرافق الأساسيّة. فقد شحّت وسائل التنقّل وذلك لعدم تناسبها مع التطوّر الديمغرافيّ للمنطقة، وتدهورت البنية التحتيّة. لقد سبّب غياب الأمن في بعده الحضريّ مشاكل ذات أبعاد أخرى منها الاقتصاديّ؛ فهذه المدينة التي لا تخضع إلى تخطيط عمراني منظم وغير المجهّزة بالبنية التحتية اللازمة عاجزة أن تكون منطقة جاذبة للمستثمرين أو تربة خصبة للمشاريع. كما أنّ هؤلاء السّكان المعزولين مجاليّا تتنامى داخلهم يوما بعد يوم مشاعر الاغتراب داخل الوطن وهم المجاورون للمدينة والممنوعون من الوصول لها بسهولة. إذن مارست الدولة الاستبعاد على أفرادها من خلال ضعف وغياب سياساتها الحضريّة، والاقتصاديّة، ومن خلال عدم تشريك المواطنين في صنع القرار بل منعهم من التعبير عن آرائهم (غياب الأمن السياسيّ)، والاخلال بأمنهم الثقافيّ من غياب سياسات ناجعة لتثمين الابداع وحسن استثمار التّاريخ والذّاكرة الوطنيّة وخلال عجز المؤسّسات التعليميّة العموميّة على بناء ثقافة وطنيّة جامعة ودعم الابتكار الذي يحتاجه المجتمع لمواصلة التطوّر والنّجاح.الاستبعاد تجلّ لاختلال الأمن الإنسانيّ في تونس
لقد أدّى الاستبعاد -الذي سلّطته الدولة- إلى نموّ شعور أعداد متعاظمة من التونسيّين بالحيف والظلم، ويتركّز هذا الشعور بشكل كبير حول تخوم العاصمة وفي المناطق الدّاخليّة للجمهوريّة. ويصل هذا الشّعور بالحيف والظّلم في بعض المناطق حول العاصمة –وخاصّة لدى الشّباب-حدّ الشعور باللّاانتماء لدولة تُقصيهم عن المشاركة والاستهلاك والإنتاج، هم يشعرون فقط بالانتماء لمحيطهم المُغلق. مفارقة اللاانتماء للخارج والانتماء والداخل لها تمظهرات عديدة في الأحياء الشعبيّة المحاذية للعاصمة كعلاقتها الدائمة التوتّر مع قوّات الأمن وهي الأداة التنفيذيّة للدّولة. كما عرفت هذه الأحياء بإنتاجها لحقل كلاميّ خاصّ بها يعبّر عن الانتماء ويرسّخ العزلة. (7)
لقد انعكس الاستبعاد -مُحصّلة تاريخيّة لنظام سياسيّ تسلطيّ- عبر اختلال مقاربة الأمن الإنسانيّ ليس في الأحياء الشعبية المحاذية للعاصمة بل في كلّ مناطق البلاد. فعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر قدّمت مدينة بن قردان الحدودية مثالا آخر للاستبعاد من خلال غياب كليّ للتنمية والاستثمار. ممّا جعل أمن المنطقة الاقتصاديّ مختلّا (عدم توفّر مواطن الشغل ودخل ماديّ قارّ) فراح أهلها يبحثون عن بديل يوفّر استقرارهم لاجئين إلى بناء اقتصاد محليّ -مواز للاقتصاديّ النّظاميّ- يقوم أساسا على التجارة الحدوديّة الموازية (التّهريب) مع الجارة ليبيا. ولا تحضر الدّولة في تلك الرّبوع في تمثّلات أهلها إلّا كدولة تسلّطيّة قامعة للحريّات، متجاهلة لهم، مهملة لاحتياجاتهم ومطالبهم، لا تتعاطى مع مظاهر التوتّر المجتمعيّة فيها إلّا عن طريق القمع والعنف المفرط (الأمن الصّلب) (8).
الاستبعاد في الأحياء الشعبيّة وفي المناطق الحدوديّة فرضته الدولة التسلّطيّة على النّاس من خلال غياب سياساتها على أصعدة مختلفة أهمّها الاقتصاديّ والاجتماعيّ والحضريّ، بالإضافة إلى تفرّدها بالتّخطيط والقول والفعل الذي لا تُشرك فيه الأطراف. لكن يجدر الإشارة إلى شكل آخر من الاستبعاد وهو استبعاد إراديّ ظهر في الأحياء الرّاقية فرضته ذات السياسات. عند شعورها بضعف الدولة على تلبية حاجياتها استبعدت الطبقة المرفّهة ذاتها من دولة برهنت سياساتها قصورها وعدم مواكبته للتّحوّلات المجتمعيّة. لقد مثّلت منطقة قرطاج/ المرسى التي أقيمت فيها بحوث ميدانيّة لمؤسّسة الياسمين مثالا حيّا لهذا الشكل من الاستبعاد (9). حيث استبعدت الطبقات المرفّهة من الشعب التونسيّ ذاتها بانعزالها الاجتماعيّ والمجاليّ والتعليميّ. استبعدت هذه الطبقات ذاتها من التعليم العموميّ، وذلك من خلال تأسيس مؤسّسات تعليميّة ذات مناهج مستوردة عالميّة، وتوفير آليّات تعليميّة ذات جودة عالية. أظهرت المؤسّسات منافسة قويّة للتّعليم العموميّ الذي افتقر للأدوات والآليّات ولعلاقة ناجعة بسوق الشغل. كما استبعدت الفئة المرفّهة ذاتها من المجتمع لتُعرّف انتمائها الاجتماعيّ بالاعتماد على المستوى الاقتصاديّ. أمّا الاستبعاد المجاليّ فقد كان بتركّز الطبقات المرفّهة في المجال الحضريّ الذي ارتبط تاريخيّا بمواطن الحكم والسلطة. يعتبر ما شهدناه من فرق في الاستبعاد بين الأحياء الشعبيّة والأحياء الراقية مُطابقا لنظريّة “جدنز” التي فرّق فيها بين شكلين من الاستبعاد وهما الإراديّ واللّاإراديّ؛ اللّاإراديّ تعيشه الطبقات الفقيرة والمتوسّطة، والإراديّ تمارسه الطبقات المرفّهة. فأيّ ردّة فعل للطبقات الاجتماعيّة على الاستبعاد الذي سلّطته الدولة عليهم؟
الاستبعاد يفجّر العنف
يؤدّي الاستبعاد الشديد للأفراد والمجموعات والفشل في إدماجهم وتوفير الفرص والموارد لهم بشكل عادل إلى تنامي مشاعر الحيف والظّلم لديهم، ممّا يقوّي مظاهر الاحتقان والتّوتّر المجتمعي الذي يمكن أن يفضي إلى ارتفاع منسوب العنف الفرديّ والجماعيّ في المجتمعات. لقد كانت ومازالت العلاقة بين الاستبعاد والعنف -في أبرز أشكاله المجتمعيّة وهي الجريمة والتطرّف العنيف- موضوع عديد البحوث الاجتماعيّة والسياسيّة (10) (11). اعتبر الاستبعاد بمختلف أبعاده (السياسيّة، الاقتصاديّة، الاجتماعيّة…) مولّدا للعنف وسببا أساسيّا لانفجاره في المجتمعات. فالمستبعدون أفراد محرومون من الموارد الماديّة التي تضمن لهم الحياة الكريمة، كما أنّهم محرومون من الحقوق والواجبات التي تعزّر تقدير ذواتهم فهم لا يشاركون في صناعة القرارات المُتعلّقة بحيواتهم. لذلك فإنّ فرضيّة توجّههم للعنف كبيرة وسيلة لافتكاك حقوقهم ولردّ اعتبارهم داخل وضعيّة سلبيّة صعبة الاحتمال. إنّ الدّخول في المواجهات العنيفة لا يضير المستبعدين لأنّهم فاقدون للأمان بطبعهم. وهم لا يخشون المعركة لأنّهم يدخلونها دون مكاسب يخافون خسارتها، فهم محرومون منذ البداية. عندما لا توفّر الدولة سبل العيش الكريم لمواطنيها فإنّهم يصبحون أكثر قابليّة لأفكار العنف بجميع أشكاله وتمظهراته (الجريمة، العنف الحضريّ، التطرّف…). لا يمارس المستبعدون العنف فقط ضدّ النّظام أو الدولة إنّما أيضا يمارسونه على الطبقات المرفّهة عندما تتضخّم الطبقيّة الاجتماعيّة فينشأ الحقد المجتمعيّ.
تحدّث “François Burgat ” في إحدى مقالاته عن مفهوم “cadets sociaux” (الراجع أصلا إلى Bayart) لتوضيح العلاقة بين الاستبعاد والعنف. حيث تلجأ الجماعة التي حرمت من العثور على مكانة اجتماعيّة في مجتمعها الذي تعيش فيه إلى التعبير عن حرمانها من خلال مواقف سياسيّة حادّة تصل لحدود رفض انتمائها للدولة التي تعيش على أرضها، عبر تأسيسها لجماعة خارجة عن الدولة تتبنّى منوالا فكريّا واجتماعيّا خاصّا. ويمثّل هذا إجابة خطيرة على اقصاء الدولة لجزء كبير من مواطنيها وسياساتها غير العادلة. (12)
السياسات الإدماجيّة علاج للاستبعاد
إنّ التّعامل مع الاستبعاد في تونس اليوم يجب أن يكون من خلال مؤشّرات واقعيّة يمكن ملاحظتها وقياسها أهمّها المشاركة السياسيّة والأمن الاقتصاديّ للتونسيّ والأمن الهوويّ والثقافيّ (معيار لقياس شعور الانتماء لوطن جامع) والأمن الاجتماعيّ والأمن الروحيّ للأفراد. الاستبعاد كان قادحا لشرارة ثورة تونس؛ لقد كانت ثورة على اقصاء الدولة للأفراد والجهات من المشاركة السياسية وحرمانا من التعبير ومن كلّ ما يضمن الحياة الكريمة المتّزنة. تجلّى الاستبعاد اختلالا صارخا للأمن الإنسانيّ للتونسيّ على أغلب أو جلّ المستويات. ما سبق يجعلنا نخلص إلى أنّ سياسات صنّاع القرار لتونس الثورة يجب أن تكون سياسات إدماجيّة محقّقة للأمن الإنسانيّ. من بين هذه السياسات يمكن أن نذكر على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:
- تفعيل دور الجماعات المحليّة وتوفير الآليات اللّازمة للديمقراطيّة التشاركيّة.
- تركيز الأدوات (في مختلف المناطق والأقاليم) المشجّعة على نشاط ومشاركة الشباب في شتّى المجالات أهمّها السياسيّ والاقتصاديّ والثقافيّ.
- العمل على إصلاحات تعليميّة ترتقي بالتعليم العموميّ ضامنا للعدالة الاجتماعيّة ومرسّخا لثقافة وطنيّة جامعة.
- الاعتناء بالتراث والتّاريخ مكوّناتً حضاريّة تغذّي السِّلم المُجتمعيّ وتعزّز الانتماء الوطنيّ.
خاتمة
إنّ الاستبعاد من أهمّ ملامح الأنظمة التسلّطيّة الدكتاتوريّة، كما أنّه وجه من وجوه اللّامساواة وغياب العدل لذلك فإنّ مجابهته أولويّة في أيّ بلاد تخطّ طريقها نحو الديمقراطيّة والعدل والمساواة والكرامة.
إذا كان الاستبعاد وقودا للعنف، فإنّ السياسات الإدماجيّة أداة ناجعة لإرساء مجتمع آمن إنسانيّا، متوازن، متصالح مع ذاته، منفتح على الآخر، وذي رجوعيّة عالية (8) (13). إنّ صنّاع القرار لتونس اليوم -بعد نحو تسع أعوام من اندلاع ثورة الكرامة- يجب عليهم الوعي بما أنهك ومازال يُنهك التونسيّين من سياسات لا يقف الإنسان في مركزها مصدرا للتنمية والارتقاء. كما يجب على سياسيّ اليوم العمل على معالجة الواقع من براثن الاستبعاد والاقصاء والعنف عبر سياسات تلج إلى عمق المشكل وأبعاده المختلفة.
المراجع:
- https://www.cnle.gouv.fr/exclusion-sociale.html
- « Degrees of Exclusion: Developing a Dynamic, Multidimensional Measure », Tania Burchardt, Julian Le Grand et David Piachaud.
- كتاب “صداع في رأس الوطن”، محمّد سيّد أحمد، أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي، ص 80، طبعة 2017.
- « Individual Choice and Social Exclusion », Julian Le Grand.
- « Understanding Social Exclusion », Hills, J. Le Grand, J. and Piachaud, D.
- “نحو تطوير مفهوم الأمن الإنسانيّ ومقارباته للوقاية من ظاهرة التطرف العنيف ومكافحتها في تونس”، الباحث: ماهر الزغلامي والباحث المساعد حلمي التومي.
http://wanainstitute.org/sites/default/files/publications/Tunisia_Country_Report_Arabic_22_July.pdf
- “الانتماء للاستبعاد في دوار هيشر: العزلة وكلمات السرّ”، الباحث: ماهر الزغلامي والباحث المساعد حلمي التومي.
http://wanainstitute.org/ar/publication/embracing-social-exclusion-douar-hicher-isolation-and-code-words
- “ملحمة بنقردان: آخر التوحش أول الرجوعيّة”، الباحث: ماهر الزغلامي والباحث المساعد حلمي التومي.
http://wanainstitute.org/ar/publication/battle-ben-guerdane-between-savagery-and-resilience
- ” تحليل منطقتي قرطاج والمرسى مقارنة بمنطقة دوار هيشر: الوجه الآخر للانغلاق الاجتماعي والانتماء التابع”، الباحث: ماهر الزغلامي والباحث المساعد حلمي التومي. (بصدد النّشر)
- « Social exclusion and conflict: analysis and policy implications », Frances Stewart.
- « Violence and Community Capabilities », Paper prepared by the Latin American Faculty of Social Sciences (FLACSO) and American University, as part of the IDRC/DFID Program on Safe and Inclusive Cities.
- «Islamophobia, exclusion and violent extremism », François Burgat.
- http://www.jasminefoundation.org/ar/?p=4582
بقلم خولة الغريبي | قسم الإعلام البحثي 2019 ©