الرئيسية / غير مصنف / حملات النَظافة: كيف تكون عملا ذا ديمومة؟

حملات النَظافة: كيف تكون عملا ذا ديمومة؟

يُشارك التونسيَون على نطاق واسع في حملات نظافة تطوعيَة حاشدة في كامل أنحاء الجمهوريَة استجابة للدعوات التي أطلقها عدد من الشباب على الفايسبوك “نظَف بلادك نظَف تونس 🇹🇳🇹🇳❤”. انطلق الشباب في حملات النظافة فرحا بانتصار مرشَحه قيس السعيَد برئاسة الجمهوريَة، فيبدو أنَ الانتخابات الرئاسيَة أعطت أملا جديدا للشاب التونسي بعد أن طال تهميشه.  قيس السعيَد رجل قانون مستقَل بنى حملته الانتخابيَة على إحياء روح الثورة وعلى إعطاء الأولويَة للمبادرات الشبابيَة، فتمكَن من تجميع التونسيين.

شملت الحملات المواطنيَة مجال النظافة ورفع الفضلات، حيث انطلق المتساكنون في حملات النظافة بصفة عفويَة وتطوعيَة في مختلف أنحاء الجمهورية. وفي كلَ حملة، يتمَ نشر الصور على الفايسبوك لتشجيع المواطنين على القيام بحملات نظافة في جهتهم: حملات عفوية وتلقائية بدون خلفيَات سياسيَة لاقت تفاعلا كبيرا فحتى الأطفال والشيوخ انخرطوا في هذه الحملات وقاموا بتنظيف شوارعهم وأزقَتهم فكان العمل تشاركيَا مثمرا جمَع التونسيَين حول هدف مشترك. ولازالت الحملات مستمرَة هناك وهناك بعد أسبوعين أو أكثر من انطلاق الحملة الأولى.

أيَ دور للدولة؟!

الشباب بادر ونفَذ والبلديات ساندت هذه الحملات بوضع إمكانيَاتها على ذمة المتطوَعين بعد دعوة وزارة الشؤون المحليَة والبيئة جميع البلديَات لتعبئة جميع الإمكانيَات من آليَات ومعدَات وأكياس.

إنَ تطوع المواطنين لا يُعوَض دور الدولة في تحمل مسؤوليَاتها، وعلى وزارة الشؤون المحليَة والبيئة إدماج مبادرات النظافة في لجان النظافة الموجودة في كل البلديَات بكامل أنحاء الجمهورية. فعملية الدمج من شأنها تنظيم هذه المبادرات، تأطيرها وخلق قادة على مستوى الأحياء لتنسيق عمليات النظافة والتزويق خصوصا.

فعل جماعي مؤقت أم دائم؟!

إنَ حملات التنظيف تندرج في إطار الفعل الجماعي الذي ولَدته هذه التحرَكات العفويَة، من منطلق التأثًر والتأثير بين الفرد والمجموعة، فالعمل الجماعي هو عمل مشترك ومتضافر لمجموعة ما من أجل الوصول إلى أهداف مشتركة في بيئة معيَنة.

فعلى الرغم من أنَ الأفراد ليس لديهم مصلحة شخصية في المشاركة في أعمال جماعيَة إلا أنهم انخرطوا في هذه الحملات لدوافع ذاتيَة أخلاقية، بمنطق العمل الجماعي. فالروابط الاجتماعية عادة ما تكون خاضعة للإرادة والمصلحة العامَة عن طريق تنازل الأفراد لبعضهم البعض من أجل تحقيق الخير المشترك فيما بينهم. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن الوعي الفردي يشكَل الوعي المجتمعي من خلال تبادل سلوكيَات مجتمعية، فلا يمكن للفرد أن يكون فاعلا معزولا في علاقة بالشأن العام ولذلك انخرط في هذه الحملات التطوعيَة.

إنَ المبادرات المواطنيَة تمثَل لبَ مفهوم المواطنة بمعناها الفاعل لا المستهلك، ما يستدعي دعم الرَيادة الاجتماعيَة للمواطن الفاعل وخاصَة الشباب منهم، فالرَيادة الاجتماعية تنطلق من التحدَيات التي يُواجهها المجتمع وتسعى إلى إيجاد حلول يُساهم المواطن في تنفيذها محليَا. والأجدر أن نُرسَخ عقليَة النظافة لدى الفرد لتكون حالة وعي دائمة وإلاَ ستكون مبادرات سريعة الزوال.

بقلم إشراق بن حمودة | قسم الإعلام البحثي 2019 © 

عن +

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى