الرئيسية / الاقتصاد والتنمية / الاقتصاد والتنمية مقالات / تقييم موقف| تونس: الفساد في الصميم ومخاوف من جمود الانتقال الديمقراطي

تقييم موقف| تونس: الفساد في الصميم ومخاوف من جمود الانتقال الديمقراطي

نشرت الباحثة الأمريكية  ساره يركس مقالها حول زيارتها الأخيرة الى تونس منتصف شهر ماي الماضي أعربت فيه عن تخوفها من اندلاع انتفاضة ثانية في تونس نتيجة تحديات كثيرة تعيشها البلاد وعلى رأسها الفساد والظلم الاقتصادي التي أدت الى اندلاع الثورة التونسية في نهاية ديسمبر 2010 والاطاحة بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي .

فعلى الرغم من انطلاق عملية جدية ومحترمة للعدالة الانتقالية الا أن استفحال ظاهرة الفساد، التي أثرت في الأداء الاقتصادي والعملية السياسة والوضع الأمني في البلاد، باتت تشكل تهديدا لعملية الانتقال التونسية.

و أشارت الباحثة الى أن قرار رئيس الهيئة العليا للانتخابات، شفيق صرصار، وعدد من نوابه في الاستقالة أصبح يثير جدلا حول مصير الانتخابات البلدية. كما طرحت اعادة العمل بقانون المصالحة الاقتصادية، الذي يمنح الأشخاص المتهمين بالفساد في ظل نظام الرئيس الأسبق شكلا من أشكال العفو والتستر على هويتهم، تساؤلات عديدة حول الدوافع الكامنة وراء تمرير هذا القانون والتي قابلها الشارع التونسي باحتجاجات وتحركات رافضة تبلورت أساسا في اطلاق حملة”مانيش مسامح” والتي شارك فيها الاف التونسيون.

كما تطرقت “يركس” الى حملة العصيان المدني في محافظة تطاوين ضد الظلم الاقتصادي والاجتماعي والتي اتهمت الحكومة التونسية بالحاقه بأبناء البلاد رفقة شركات الغاز والنفط المتمركزة هناك والتابعة لجهات أجنبية وما رفقها من رغبة سياسية في نشر الجيش لحماية منشآت النفط والغاز من المحتجين .

و أضافت  أن تباطئ عملية تكريس اللامركزية قد ساهمت في معالجة تنامي الشعور بالاستياء في صفوف التونسيين، لا سيما أنها ستخفف من حدة بعض الاختلالات البنيوية في التوازن بين الساحل و الداخل، الا أنها اعتبرت التأجيل المتكرر للعملية الانتخابية والاستقالة المفاجئة لشفيق صرصارمن العوامل التي تجعل “اللامركزية في خطر”.

كما استنتجت الباحثة من خلال هذه الزيارة  أنه ليس هناك سبيل واضح لمعالجة الفساد في تونس، اذ أن الفساد لم يعد فسادا مؤسساتيا كما هو الحال في عهد النظام السابق بل أصبح هناك “فساد اجتماعي مستوطن” يتغلغل في الحياة اليومية.

كما أن منظومة المحسوبية التي أنشأت في عهد بن علي لا تزال متجذرة بعمق، ومع ارتفاع نسبة الوعي أصبحت مطالبة الحكومة باتخاذ اجراءات سريعة وشاملة لتصحيح الوضع مطلبا شعبيا.

ولقد عززت الممارسات الحكومية خلال الأعوام القليلة الماضية، على حد تعبيرها، الاعتقاد بأن الحكومة التونسية لا تأخذ الفساد على محمل الجد وهو ما ولد غياب الثقة بأداء الحكومة و نمى الغضب لدى الشعب.

و ترى “يركس” أنه وبالرغم من بعض المؤشرات القوية التي تدق ناقوس الخطرالا أن تونس ليست على حافة اضطرابات كبرى وانما عملية الانتقال التونسية في “حالة جمود” على حد قولها. كما أن الحكومة السيئة الأداء والتي تفتقر الى الفعالية قد تكون أفضل من تغيير حكومي جديد يمكن أن يتسبب بالأذى أكثر مما يعود بالنفع.

و خلصت الباحثة الى أن الجمود  يمكن أن يكون خطرا بقدر غياب الاستقرار، حيث أن غياب التوافق بين الحكومة والرأي العام بشأن مكافحة الفساد سيؤدي الى الاخفاق في دفع العملية الانتقالية قدما الى الأمام وسيؤدي الى مزيد من الانقسام في صفوف الشعب التونسي و قادته.

مركز كارنيغي للشرق الاوسط*

عن Équipe média

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى