انعقدت يوم أمس، الأربعاء 22 فيفري 2017، بنزل المرادي بقمرت الندوة الأولى ضمن برنامج “المدينة” الذي شرعت في تنفيذه مؤسسة الياسمين للبحث والتواصل. والتأمت الندوة حول موضوع “السياسات العامة في تونس: الاستراتيجيات، التنزيل والانعكاسات” بمشاركة جامعيين ومختصين وباحثين في مجالات علم الاجتماع والاقتصاد السياسي والتخطيط العمراني.
وحضر الندوة أساتذة وباحثون وإعلاميون وممثلون عن أحزاب سياسية ومسؤولون محليون وجهويون وممثلون عن المجتمع المدني وهيئات ومنظمات دولية، إضافة إلى مجموعة من الشباب الناشطين ضمن مختلف المشاريع التي تنفذها مؤسسة الياسمين، حيث فاق عدد الحاضرين 200 شخص واكبوا مختلف فعاليات الندوة منذ انطلاق أشغالها.
وانطلقت أشغال الندوة على الساعة العاشرة صباحا بكلمة ترحيب وكلمة افتتاحية للدكتورة تسنيم شيرشي، المديرة التنفيذية لمؤسسة الياسمين، التي ترأست الجلسة وقدّمت لمختلف المحاضرات والمداخلات، كانت أولها للأستاذ حاتم كحلون، الخبير في التخطيط العمراني، حيث قدّم مداخلة أولى بعنوان: “السياسات العمرانية في تونس: بين اتساق الاستراتيجيات وتنزيل السياسات”، تحدث خلالها عن إطار الاتساق الترابي الذي يعدّ رهانا استراتيجيا لتهيئة المدن وتطويرها، شارحا الصعوبات والتحديات نظرا لما تتطلبه مسألة التخطيط للتنمية من قدرات على التنسيق والملاءمة والتشبيك بين مختلف المتدخلين.
وقدّم بعد ذلك الأستاذ حمزة المؤدب مداخلة ثانية حول الاقتصاد الموازي في تونس: هوامش في قلب السلطة، مؤكدا أن الاعتقاد بأن الاقتصاد الموازي بكافة أشكاله وأصنافه ليس بمعزل في الواقع عن الاقتصاد المهيكل أو الرسمي أو الشرعي، مشيرا في ذات الوقت إلى عجز النظام عن إيجاد حلول وبدائل اقتصادية في ظل احتدام المنافسة العالمية. وأكد الأستاذ المؤدب على ضرورة أن تتم قراءة ازدهار الأنشطة الاقتصادية الموازية كالتهريب والسوق السوداء والانتصاب الفوضوي وغيرها من مظاهر الاقتصاد غير المهيكل، في إطار الاقتصاد السياسي للسلطة في تونس، باعتباره لا يخرج عن هذا الإطار ولا يناقضه.
وكانت المداخلة الثالثة للأستاذ نبيل صميدة تحت عنوان: “الطبقات والروابط الاجتماعية من خلال قراءة للمجال الحضي لمدينة تونس” مكمّلة للمداخلتين السابقتين، عدّد من خلالها الأستاذ صميدة الأنماط العمرانية المتداخلة والمكوّنة لجسد مدينة تونس منذ نشأتها باعتبارها حصيلة لسيرورة تاريخية وسياسية أفضت إلى تواجد مجموعات سكانية كبرى.
وقدّم الباحث في علم الاجتماع، ماهر الزغلامي، مداخلة أخيرة حول: “الاستبعاد الاجتماعي وانعكاساته: قراءة في تفرّز الظواهر الراديكالية”، وهو ما يمكن أن نعبّر عنه بالحالة الراهنة للظاهرة السلفية الراديكالية في تونس من خلال رصد بعض أهم تقاطعاتها مع متغيّرات كمتغيّر التمدرس ومتغيّر الاستبعاد الاجتماعي والاستبعاد الذاتي ومتغيّر التديّن، إلخ.
وجاءت المداخلات الثلاث التي قدّما الأساتذة المحاضرون في إطار عام وواضح هو السياسات العمومية في تونس: الايتراتيجيات والتنزيل والانعكاسات، وهو موضوع الندوة الأولى لبرنامج “المدينة”، شفعت بنقاش عام ومفتوح شارك فيه عدد من الحاضرين توجّهوا بجملة من الاستفهامات والأسئلة للأساتذة حول مختلف مواضيع المداخلات.
برنامج “المدينة”
يتنزل برنامج “المدينة” كأول برامج قسم البحوث والدراسات لمؤسسة الياسمين، ويهتم بالسياسات الحضرية والمدينية ومجمل علاقاتها وتقاطعاتها مع السياسات القطاعية الأخرى وما ينجرّ عنها من انعكاسات في مستوى التغيّرات الاجتماعية بهدف إنتاج مؤشرات تقييمية قائمة على عملية تشخيص حقيقية تأخذ بعين الاعتبار استراتيجيات الفاعلين الرسميين والمتدخلين والأطراف المعنية.
وتأتي ندوة السياسات العمومية في تونس كأولى ندوات سلسلة كاملة من الندوات العلمية ستعمل على تنظيمها وتأثيثها والإشراف عليها مؤسسة الياسمين للبحث والتواصل.
ورقات مشروع “تدبير”
وانطلقت الحصة المسائية للندوة في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال بتقديم ورقات مشروع “تدبير” أعدّها باحثون شبان ضمن المشروع الذي نفذته مؤسسة الياسمين. وقدّم هؤلاء الباحثون 5 ورقات كانت أولها ورقة حول سوق النشاط المدني في تونس من إعداد معاذ الجماعي وصفوان الطرابلسي، وورقة ثانية حول الاقتصاد السياسي للأرقام وإصلاح المنظومة الإحصائية في تونس من إعداد الباحثتان زهرة الهمامي وسارة الحرباوي، فورقة ثالثة مثلت قراءة في إحداثيات الواقع الاقتصادي واستشراف السيناريوهات الممكنة من إعداد كل من عائشة الجريدي وشيماء بن فرج ومحمد الرايس وبتأطير من معز بن طاهر، فورقة رابعة حول الإصلاح الإداري في تونس من إعداد حافظ الجندوبي ومحمد علي فتحلي، وورقة خامسة وأخيرة حول مستقبل المدرسة العمومية في تونس من إعداد ماهر الساحلي وألفة الرحماني وسهيل العرفاوي وبتأطير من الأستاذ مراد مهني.
وقد أشرف على إعداد أغلب هذه الورقات الباحث ماهر الزغلامي، المسؤول عن القسم البحثي بمؤسسة الياسمين للبحث والتواصل.