تقديم مشروع “صناع السياسات العامة”
يساهم المجتمع المدني في الدول الديمقراطية في عملية صنع القرار جنبا إلى جنب مع الهيئات الحكومية والمراكز البحثية ولجان الخبراء، مما يسمح بتركيز الأضواء على القضايا الملحة التي يعيشها المواطن والتي قد يغفل عنها صناع القرار بسبب الأولويات الانتخابية أو بسبب ضغوط اللوبيات … ومن هنا تبرز أهمية تطوير قدرات منظمات المجتمع المدني في تونس ما بعد الثورة للاضطلاع بهذا الدور والمساهمة الفعالة في بناء المجتمع الديمقراطي.
في هذا الإطار يتنزّل مشروع “صناع السياسات العامة” الذي يهدف بالأساس إلى تمكين المجتمع المدني من الوسائل والتقنيات الملائمة ليتحوّل إلى قوّة اقتراح فعالة وإيجابية تحظى بالثقة والقبول لدى دوائر صنع القرار (السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، الخ)، ولعل من أبرز هذه الوسائل القدرة على تحرير الورقات السياسية – التي تحلّل السياسات العامة للدولة و تبيّن أوجه القصور فيها ثمّ تقدم حلولا ومقترحات لتجاوز تلك النقائص- إلى جانب تقنيات المناصرة وحشد التأييد إزاء قضية ما. كما يبقى إرساء ثقافة حوار بنّاء و جسور تواصل و تعاون بين ثلاثي التنمية: المجتمع المدني، الهياكل العمومية، و القطاع الخاص، أحد أهم مطامح هذا البرنامج لأن تبنّي و تفعيل سياسات جريئة وذات أثر لا بدّ أن يستدعي انخراط كلّ من هذه الأطراف الثلاث معا.
النسخة الأولى من المشروع: جويلية 2014 – جوان 2015
مــــــراحــــل المـــــــــــــشروع:
- الدورة التدريبية حول كتابة الورقات السياسية:
باعتبار أن تقنية كتابة الورقات السياسية لا تزال حديثة العهد في المجتمع المدني بتونس، فقد تمّ تنظيم الدورة التدريبية على مرحلتين. ففي الورشة الأولى التي انتظمت يوميْ 29 و 30 نوفمبر 2014، تطرّق المدرّب إلى التعريفات الأساسية المتعلقة بالسياسات العامة و الورقات السياسية و صناع القرار، إلى جانب عرض نماذج ناجحة لورقات سياسية تمّ تبنّيها من طرف المشرّع. ثمّ تمّ فسح المجال للمشاركين، و هم ثلّة تمثّل طيفا واسعا من نشطاء المجتمع المدني في تونس، لكي يفكّروا في الإشكاليات و السياسات التي يودّون تحليلها في ورقاتهم إلى جانب جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات ذات العلاقة.
أما في الورشة الثانية التي التأمت يوميْ 17 و 18 جانفي، فقد تعمّق المدرّب مع المشاركين في تقنيات تحرير الورقات السياسية و سبل التأثير على مختلف الأطراف المعنية من أجل الترويج الناجح للورقة، فضلا عن مناقشة المواضيع المقترحة من طرف المشاركين بحضور مجموعة من الخبراء.
في نهاية الدورة التدريبية، أصبحت لدى المشاركين المعارف و الأدوات اللازمة لتشخيص مشكل ما، تحليل سياسات الدولة الحالية إزاءه، تحديد أوجه القصور فيها، القيام بعمليات مقارنة مع تجارب دولية في نفس المجال، و في النهاية تقديم مقترحات عملية و واقعية لحلّ المشكل المطروح أو التخفيف من وطأته. و بالفعل، فقد انطلق المشاركون مباشرة إثر الدورة في تحرير ورقاتهم السياسية بتوجيه و متابعة من مؤطّرين و خبراء وضعتهم مؤسّسة الياسمين على ذمّتهم وسيقومون بعرض نتائج أعمالهم في ندوة وطنية تلتئم في شهر أفريل 2015.
- الندوة الوطنية حول السياسات العامة: نحو إرساء شراكة ثلاثية فعالة بين القطاع العام، الخاص، و المجتمع المدني
في إطار برنامج “صناع السياسات العامة”، قامت مؤسسة الياسمين للبحث و التواصل بتنظيم ندوة بعنوان “نحو شراكة ثلاثية فعالة بين القطاع العام، القطاع الخاص و المجتمع المدني في رسم السياسات العامة” وذلك يوم السبت 18 أفريل 2015 بنزل رامادا بلازا، قمرت.
البداية كانت مع كلمة الافتتاح للدكتورة تسنيم شيرشي مديرة المؤسسة حيث قامت بتأطير عام لهدف الندوة وهو مناقشة أهمية تشريك المجتمع المدني والقطاع الخاص في صنع القرار كخطوة أساسية من أجل إرساء دعائم الديموقراطية التشاركية التي أثبتت جدواها -في كثير من البلدان- في مجابهة تحديات الانتقال الديمقراطي المختلفة. وأشارت إلى أنه رغم انطواء التجربة التونسية على بعض التجارب في مجال الشراكة الثلاثية، فإن هذه التجارب تبقى محدودة وغير مقنّنة بالشكل الكافي لغياب أطر تشريعية واضحة تؤسّس لتواصل فعّال ودائم بين صناع القرار من جهة و المجتمع المدني و القطاع الخاص من جهة أخرى. من هنا تبرز الحاجة لخلق فضاءات تواصل و تبادل مستمر بين مختلف هذه القطاعات. ولعلّ من أبرز الأسئلة التي تمّ التطرّق إليها في هذه الندوة: ما هو الوضع القائم اليوم فيما يخص العلاقة بين السلطة و المجتمع المدني والقطاع الخاص؟ كيف يمكن خلق شراكة وديناميكية حقيقية بين هذه القطاعات الثلاث في رسم وتنفيذ السياسات العامة بالبلاد؟ وماهي التوصيات التي يمكن أن نخرج بها في هذا الصدد؟ تمّت مناقشة هذا الموضوع مع ثلّة من أهل الاختصاص والخبراء من القطاع الخاص والمجتمع المدني وممثلين عن الطرف الحكومي، إلى جانب عرض تجارب ناجحة لنشطاء بالمجتمع المدني والقطاع الخاص تمكّنوا من عرض قضاياهم بشكل فعال على صناع القرار وتحقيق شراكات ناجحة.
في الحصّة المسائية قام متشاركو البرنامج بعرض ورقاتهم السياسية أمام لجنة من الخبراء وأهل الاختصاص من أجل تقييم أعمالهم وإثرائها ثم تمّ توزيع شهائد المشاركة عليهم في أجواء احتفالية رائقة.
هذا ويمكن التطرق لجميع فعاليات الملتقى بتفاصيل أكبر من خلال مراجعة التقرير الشامل الذي يمكن تحميله من على موقع المؤسسة.
- ملتقى دولي حول سياسات اللامركزية: “الحوكمة التّشاركيّة ضمن إطار الانتقال الدّيمقراطي في تونس: دورها وسبل تفعيلها”
في نفس السياق، نظمت مؤسسة الياسمين ملتقى دولي حول السياسات العامة تنزّل في إطار ندوتها السنوية الثالثة حول موضوع الساعة وهو اللامركزية والحكم التشاركي والتي امتدت ليومي 11 و12 جوان 2015 بمساهمة (Democracy Reporting International) DRI و (Project On Middle East Democracy)POMED وتمويل (National Endowment for Democracy) NED . احتوت الندوة على أربعة جلسات متتالية وشارك فيها لفيف من نشطاء المجتمع المدني والخبراء ونواب عن مجلس الشعب على غرار السيد “عمادالحمامي” اضافة الى مشاركين أجانب في مقدمتهم الأستاذ “أندري رو” والنائبة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي السيدة “مادي شارما”، حول تفكيك المفاهيم الأساسية المتعلقة بالحكم التشاركي واستعراض تجارب المجتمع المدني في مجال مراقبة ومتابعة مختلف السلط كما ساهم السيد جمال الدين الغربي وهو وزير التنمية السابق في تحديد أدوات قيس وتقييم مستويات المشاركة ومعرفة مدى تحقق هذا النمط من الحكم وصعوبات تنزيله في فترة الانتقال الديمقراطي.
الجلسة الثانية التي أدارها السيد “حاتم دمق” وهو منسق برنامج صناعة السياسات العامة صلب مؤسسة الياسمين، فقد كانت بعنوان “وسائل الحوكمة التشاركية وتطبيقها ضمن السياق التونسي”، وتمحور النقاش فيها حول “الميزانية التشاركية كوسيلة للحوكمة التشاركية واستعرضت جمعية “الشباب يقرر” مشاريعها في اطار مناقشة موضوع توظيف التكنولوجيات الجديدة لخدمة الديمقراطية التشاركية.
أما الجلسة الثالثة فقد أدارتها الآنسة غفران الونيسي وهي باحثة معتمدة في مؤسسة الياسمين، تحت عنوان “مراقبة الديمقراطية في تونس: شكل جديد للحوكمة التشاركية: تجارب وشهادات” طُرح فيها النقاش حول آليات مراقبة مجلس نواب الشعب وتكريس ثقافة المساءلة وطرق تفعيل مراقبة الحكومات المحلية كما تناولت الجلسة محور مراقبة الادارة كموضوع للنقاش وتم تدارس نقاط عديدة كتحديات المراقبة الداخلية والمساءلة.
الجلسة الرابعة والأخيرة فقد مثلت نقاشا حول دور المجتمع المدني في تقييم السّياسات العامة. وقد عمدت مؤسسة الياسمين خلال هذه الجلسة إلى ابراز دور و أهمية المجتمع المدني في إرساء و ترسيخ الديمقراطية في تونس و التركيز خاصة علي دور المجتمع المدني في تقييم السياسات العامّة و الوسائل التي يمكن أن يعتمدها في ذلك.
هذا ويمكن التطرق لجميع فعاليات الملتقى بتفاصيل أكبر من خلال مراجعة التقرير الشامل الذي يمكن تحميله من على موقع المؤسسة.
النسخة الثانية من المشروع: جويلية 2015 – جوان 2017
مــــــراحــــل المـــــــــــــشروع:
- دورة تكوين مدرّبين في تحليل السياسات العامة وكتابة الورقات السياسية:
لقد لاحظت مؤسسة الياسمين إثر تجربتها مع النسخة الأولى من برنامج “صناع السياسات العامة” نقصا واضحا في عدد المكوّنين في مجال تحليل السياسات العامة وكتابة الورقات السياسية. ولسدّ هذا النقص، فقد اعتزمت تنظيم دورة تكوينية لإعداد 10 مدرّبين في هذا المجال ليقوموا بدورهم إثر ذلك بتقديم دورات تدريبية حول كتابة الورقات السياسية لنشطاء المجتمع المدني لاسيّما في المناطق والولايات التي لم يتمّ فيها التطرق لمثل هذا التدريب في السابق. وعليه، فإنّ هذه الدورة تهدف بالأساس إلى تكوين مدرّبين قادرين على فهم مراحل صياغة القرار في تونس و كيفية التأثير في رسم السياسات العمومية من خلال كتابة الورقات السياسية وتقنيات المناصرة. كما تهدف أساسا إلى تمكين المشاركين من كسب المهارات والأدوات الضرورية لنقل هذه المعارف إلى نشطاء آخرين في المجتمع المدني. تمتدّ الدورة التدريبية لمدّة 12 يوما مقسّمة على 5 محاور كما يلي:
- المحور الأول: مدخل لتحليل السياسات العمومية (27 و 28 نوفمبر 2015)
لا يمكن الخوض في تفاصيل كتابة الورقات السياسية دون كسب بعض المعارف الأساسية حول ماهية السياسات العمومية وكيفية صياغتها ومراحل تحليلها ومتابعتها. قام بتقديم هذا المحور الدكتور سعيد بارتو (Dr. Saeed Parto) وهو مدرّس السياسات العامة بجامعة ماستريشت الهولندية، مدير البحوث بالمركز الأفغاني لتحليل السياسات وخبير دولي في مجال تقييم السياسات العمومية.
- المحور الثاني: تصنيف النصوص القانونية في تونس وعلاقتها بالسياسات العمومية (29 نوفمبر 2015)
تترجم النصوص القانونية في أيّ دولة التوجّه العام لسياساتها العمومية ويبقى التعديل فيها من أهمّ الوسائل المباشرة للتأثير في هذه السياسات، لذلك فإنّه من الأهمية بمكان أن يطّلع المشاركون على مختلف أصناف النصوص القانونية في تونس، ترتيبها، وكيفية التأثير فيها. أمّن هذا القسم أستاذ القانون الدستوري السيد محمد عطيل الظريف، مدرّب معتمد وخبير في مجال المناصرة وكتابة الورقات السياسية.
- المحور الثالث: كتابة الورقات السياسية (24-25-26 و 27 ديسمبر 2015)
الورقات السياسية هي ورقات بحثية تعنى بتحليل السياسات العمومية وتبيان أوجه القصور أو الخلل فيها واقتراح بدائل وتقديم توصيات. ظهرت في ستينات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن تنتقل تدريجيا إلى باقي الديموقراطيات في العالم وحديثا جدّا إلى عالمنا العربي، وتبقى ليومنا هذا أحد أهم وسائل التأثير في السياسات ومساعدة صانع القرار في عمله. قدّم هذا المحور الأستاذ محمد عطيل الظريف.
- المحور الرابع: فنّ المدافعة (5-6-7 فيفري 2016)
الخطوة الطبيعية التي تلي كتابة الورقات السياسية هي حشد الدعم و التأييد للمقترحات والتوصيات الواردة بها، ويكون ذلك بتنظيم حملات مناصرة أو مدافعة يتمّ التوجّه بها أساسا إلى صناع القرار وأحيانا إلى فئات معينة من المواطنين بهدف التأثير في الرأي العام. قام بإثراء هذه الحصّة المدرّب المصري المعروف خالد أبو النجا.
- المحور الخامس: تقنيات التبسيط و التدريب
في هذا القسم، يتلقى المشاركون تدريبا حول تقنيات التدريب التفاعلي الذي يقطع مع الطرق التقليدية في التكوين ويعتمد على أساليب أكثر تشاركية مثل العصف الذهني ولعب الأدوار والمحاكاة، الخ. والهدف من ذلك هو إعدادهم لنقل المعارف التي تحصلوا عليها خلال الدورة التدريبية إلى نشطاء آخرين في المجتمع المدني خلال المراحل القادمة للمشروع.
- أربع ندوات حول مواضيع في السياسات الاقتصادية أو الاجتماعية للدولة:
في إطار إرساء ثقافة الحوار و خلق فضاء قارّ للتواصل المستمرّ بين صناع القرار ومكوّنات المجتمع المدني، تعتزم مؤسّسة الياسمين تنظيم ندوات دوريّة حول قضايا ملحّة تجمع بين ممثلين عن الطرف الحكومي، ممثلين عن القطاع الخاص ونشطاء بالمجتمع المدني. الهدف منها هو إرساء ثقافة تقييم سياسات الدولة بموضوعية وبتشريك لجميع الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى نظرة أكثر شمولية وواقعية إزاء هذه السياسات. وكما يسبق هذه الندوات بحث جادّ حول مواضيعها وإعداد لمحتوياتها، فإنّها تُشفع بنشر لأهمّ مخرجاتها والتوصيات الواردة بها.
- دورات تدريبية حول كتابة الورقات السياسية بالجهات:
في إطار تمكين مؤسسات المجتمع المدني وتطوير قدراتها، تعتزم مؤسسة الياسمين تنظيم دورات تدريبية حول تحليل السياسات العامة وكتابة الورقات السياسية في ولايات خارج تونس العاصمة في مفتتح سنة 2016. الهدف من ذلك هو تعزيز دور الجمعيات بهذه المناطق كقوّة اقتراح توصل صوت المواطن ومشاغله لصانع القرار بشكل علمي و فعّال. هذا وسيقوم المدرّبون العشرة الذين تلقّوا التكوين خلال دورة تكوين المدرّبين بتقديم هذه الدورات التدريبية.
- ندوة وطنية وملتقى دولي:
سوف يتمّ تنظيم ندوة وطنية خلال موفّى أفريل 2016 لعرض أهمّ نتائج المشروع وما توصّل إليه المشاركون في الدورات التدريبية كما سيتمّ تنظيم ملتقى دولي في شهر جوان من نفس السنة للإثراء من تجارب دول أخرى في نفس المجال.
حـــــول الــمــــمـــول
الصندوق الوطني للديموقراطية هو منظمة أمريكية غير ربحية تأسست عام 1983 لدعم الديموقراطية. يتم تمويلها أساسا من خلال منحة سنوية من طرف الكنغرس الأمريكي. و قد قامت هذه المؤسسة بدعم العديد من المشاريع في دول مختلفة من العالم بهدف تعزيز الديموقراطية و حقوق الإنسان.