مؤسسة الياسمين – يعتبر التشغيل و التمكين الاقتصادي للشباب من أوكد الأولويات و أكثرها أهمية، و قد لا يقتصر الحصول على وظيفة على توفر فرص التشغيل في القطاع الخاص أو العام، بل يرتهن ذلك بقدرة الشاب على اقتلاع هذه الفرص واستغلالها و ذلك عبر دعم قدراته و تعلم تسويق مهاراته بالشكل المناسب . وتكتسي هذه القضية أهمّية أكبر إذا ما فهمنا العلاقة الوثيقة بين التمكين الاقتصادي و البناء الديموقراطي، ذلك أن العزلة الاقتصادية للشباب وقلة الفرص وضيق الحال كثيرا ما تكون وراء اندفاعه نحو التطرّف وتنكّره لقيم الديموقراطية. في هذا الإطار، وضمن سعيها الدائم لدعم الشباب وتعزيز مشاركته في الحياة العامة، نظمت مؤسسة الياسمين للبحوث والتواصل يوم 08 أوت 2015 حصة تدريبية بعنوان “الشباب و التشغيل”، كما تندرج هذه الحصة التدريبية ابتداءً في إطار برنامج “مواطنون فاعلون” بالشراكة مع المركز الثقافي البريطاني الذي يهدف لدعم مشاركة المرأة بحي التضامن في الحياة العامة. قام بتنشيط الحصّة المبسّط حاتم دمّق وشارك فيها مجموعة من الشباب ممّن يدرسون في الأقسام النهائية و آخرون من المتحصلين على شهادات عُليا، فضلا عمّن لهم خبرة مهنية سابقة. كانت نسبة المشاركة للفتيات 67% في مقابل نسبة 33% للفتيان.
الهدف الأساسي من هذه الدورة هو دعم قدرات الشباب في تسويق مهاراتهم و الترويج لمكتسباتهم العلمية و المهنية عبر تعلم كيفية كتابة السيرة الذاتية و الرسالة التحفيزية إلى جانب تقنيات إجراء مقابلة التوظيف.
البداية كانت مع السيرة الذاتية لأنها تعتبر أول نقطة تواصل مع المشغل وتمثل الانطباع الأول الذي سيتركه الباحث عن الشغل لدى ربّ العمل، لذا يجب إيلاءها أهميةً كبيرة و التركيز على محتواها مع الحرص على أن تعكس صورة جيدة وحقيقية عن طالب الوظيفة. كذلك من المهم جدا أن يعلم طالب الشغل أن السيرة الذاتية ليست وثيقة جامدة بل هي وثيقة في تطوّر مستمرّ، كما ينبغي تطويعها في كلّ مرّة لتتلاءم مع الوظيفة المرغوب فيها أو المؤسسة المزمع الالتحاق بها.
الجزء الثاني من الحصة التدريبية ركّز على الرسالة التحفيزية نظرا لأهمّيتها في اقتلاع مقابلة شخصية مع ربّ العمل، وكان ذلك من خلال تمرين في شكل مسابقة بين أربع فرق من المتسابقين. بالنهاية تمكّن المشاركون من معرفة أهمّ أجزاء الرسالة التحفيزية وكيفية صياغتها بالشكل الذي يعزّز حظوظ الشاب في اقتلاع مقابلة عمل.
هذه المقابلة كانت موضوع الجزء الثالث والأخير من الحصّة، والذي انقسم بدوره إلى جزءين. فأما الجزء الأول، فقد كانت سيمته محاكاة الواقع في محاولةٍ من المبسّط تقريب صورة مقابلة العمل من المشاركين. و كان ذلك عبر لعبة أدوار شارك فيها كل من المبسّط الذي قام بدور المشغِّل، و أحد المشاركين الذي جسّد دور طالب الوظيفة، حيث طُرِحت أهمّ الأسئلة و أكثرها تداولا خلال مقابلة العمل. و بعد تسجيل المقابلة بالفيديو، تمّ عرضها ثانية على الشاشة أمام المجموعة لتدارسها والتعليق عليها وتقديم أمثلة لأجوبة مناسبة وتبيان النقاط التي يجب تلافيها. أما الجزء الثاني، فقد خُصِّص لتدريب المشاركين على تقنية أخرى من تقنيات تقديم السيرة الذاتية وهي تقنية السيرة الذاتية المسجلة في فيديو قصير، حيث يركز المترشح على أهم النقاط التي يراها أساسية ليقدمها للمشغل، و هذه التقنية تعتبر من الطرق الذكية و المميزة لتقديم مختلف المهارات و القدرات العلمية و المهنية و هي أكثر نجاعة من غيرها في إبراز مهارات التواصل بالنسبة للمترشح و تبين مدى قدرته في التعبير عن نفسه و الإقناع بها و هو شيء يحفز المُوظِف ليختاره دون غيره.
إذا في المجمل كانت هذه الحصة التدريبية قائمة على أساس التفاعل البناءِ الذي من شأنه أن يعزز القدرات الإبداعية للشباب من ناحية و تطوير مهاراتهم من ناحية أخرى بما يسهّل إدماجهم في الحياة المهنية خصوصا وييسّر انخراطهم في الشأن العام عموما.