أعلنت هيئة الحقيقة والكرامة التي ستُعنى بدراسة الأرشيف وكشف الحقيقة طوال الفترة الممتدة من جانفي 1955 إلى حين صدور قانون العدالة الانتقاليّة في 2014، عن انطلاق أعمالها رسمياً للبحث في الانتهاكات، الحاصلة خلال الفترة الحديثة للحكم بتونس، والممتدة على نحو ستة عقود (حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي).
التنصيب الرسمي للهيئة كان يوم الاثنين 9 جوان 2014 في مؤتمر دولي ضخم حضره الرؤساء الثلاث وعدد من ممثلي المنظمات الدولية، أكدوا خلاله على دعمهم المطلق للهيئة التي تم إحداثها بموجب قانون العدالة الانتقالية الذي يضم 71 فصلا، والمصادق عليه في مداولات المجلس الوطني التأسيسي، منذ شهر ديسمبر سنة 2013.
وقد أكدت سهام بن سدرين رئيسة الهيئة، خلال مؤتمر صحفي، اليوم الأربعاء، 10 ديسمبر 2014، أن الهيئة انتهت من جميع أعمالها التحضيرية خلال ستة أشهر، كما ينص على ذلك القانون.
وتُعتبر هيئة الحقيقة والكرامة من أهم الهياكل الدستورية نظرا للقانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المؤرخ في 24 ديسمبر من نفس السنة والمتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتطبيقها فان هذه الهيئة تتمتع بمكانة مرموقة حيث تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري كما انها تمتلك صلاحيات هامة ستستغلها للرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الانسان والكشف عن حقيقة الفترة الممتدة من الأول من شهر جانفي سنة 1955 إلى حين صدور قانون العدالة وتحديد المسؤولين لاحالتهم على العدالة وتعويض الضحايا وضمان المصالحة الوطنية.
كما يسمح القانون بعقد جلسات استماع سرية وعلنية، لضحايا الانتهاكات والقمع والاعتقالات في صفوف المعارضين والنشطاء، والبحث في حالات الاختفاء القسري، وبجبر الأضرار المادية والمعنوية للمتضررين.
وعرف القانون “الانتهاكات” بأنها “كل اعتداء جسيم أو ممنهج على حق من حقوق الإنسان صادر عن أجهزة الدولة أو مجموعات أو أفراد تصرفوا باسمها أو تحت حمايتها كما يشمل كل اعتداء جسيم وممنهج على حق من حقوق الإنسان تقوم بها مجموعات منظمة”.
وأوضحت بن سدرين أن “الهيئة هي حقوقية بالأساس ولسنا هيئة قضائية، ليست لنا صلة بالقضاء ولا صفة البت في الجرائم”.
وأعلنت هيئة الحقيقة والكرامة الشروع بداية من 15 من الشهر الجاري في قبول ملفات المواطنين على امتداد سنة كاملة على أن يتم في مرحلة ثانية النظر فيها والإنصات للضحايا فيما ستتولى الهيئة في مرحلة لاحقة إثارة عدد من الملفات بصفة تلقائية وفقا لمقتضيات القانون حسب تصريح رئيسة الهيئة سهام بن سدرين.
وحدد القانون مدة عمل هيئة الحقيقة والكرامة بأربع سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة. وتقول الفقرة التاسعة من الفصل 148 من الدستور التونسي الجديد “تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية”.