يحتل الأمن الإنتخابي مكانة رئيسية في بلورة العملية الإنتخابية نظرا للأهمية المتزايدة لمجالات الأمن القومي على الصعيد الدولي،ونظرا لحساسية الظروف الأمنية الإقليمية التي تجعل من الجمهورية التونسية جغراسياسيا متأثرة بها٠
إلا أن النسق السياسي التونسي اليوم يعد من الأنساق الملهمة والمغرية للإحاطة بها، فرغم المعوقات والمطبات، ينفرد نموذج الجمهورية الثانية بمقومات دفينة نجدها اليوم تستفز فضول الكثير من الباحثين. لعل من أهمها ثاني انتخابات تشريعية تشهدها تونس ما بعد الثورة باعتبارها آلية اختبار لمتانة العقد السياسي القائم بين الحكام والمحكومين ٠فهي محطة سياسية حيوية تعبر شكلا عن اختيارات المجتمع ، و تغوص مضمونا في حقيقة ادعاءات بعض الملاحظين عن بعد، كما تكشف عن مسارات ومآلات وأبعاد الربيع العربي و جدية الإنتقال الديموقراطي لدى المواطن التونسي٠
فبعد سويعات من إنطلاق الإستحقاق الإنتخابي للجالية التونسية بالخارج وعلى مفصل سويعات أخرى من يوم الصمت الإنتخابي بالنسبة للتونسيين على أرض الوطن، تشير المعطيات الأولى للتطور الملحوظ للأداء الأمني الذي بدى أكثر مضيا نحو الأسس الواجب توفرها في بنية هذا القطاع، وأكثر تجانسا في المهام الموكلة لأقسامه المختلفة مما وفر في اللحظات الفاصلة عن صناديق الإقتراع تغطية أمنية ناجعة، عبر إستقصاء إستخباراتي إستبدل إستراتجية المكافحة بالمقاومة، يبدوأنه أشفى هذه المرة غليل الرأي العام المتعطش لأداء أمني لا تنتهك بٱسمه حقوق الإنسان و تثبت من خلاله دولة الحق والقانون٠
كما أثبتت العمليات الأخيرة أن خطر الإرهاب في تونس هو عرضي وحالاته معزولة ، تستوجب يقضة كل المواطنين والهياكل، لكن دون أن ترتقي إلى مستوى الأزمة السياسية٠
إلا أن تأويل هذه المواضيع يبقى رهينة الطابع المتحول الذي يجاري المتغيرات الداخلية والخارجية للبلاد لٱرتباط الأمن الإنتخابي بمجالات معرفية متعددة تتقاطع فيها قضايا التاريخ ،السياسة ،الإجتماع والإقتصاد. هذا ويبقى موضوع الحوكمة الأمنية بمختلف تجسيداته مبحثا حيويا في نسق علم السياسة الحديث بٱعتبار أن الأمن هو الميكانيزم العضوي الذي يكسب السياسة ابعادها المادية٠